ذكره الصنعاني في «السبل»«٢/ ١٠٣» من انحصار الواجبات في الخمس صلوات، وهذا لا يصلح في نظري ان يكون قرينة؛ لأن الأمر بصلاة الكسوف لأمر عارض؛ فليست صلاة سادسة يومية حتى تتعارض مع الانحصار المذكور، وإلا لكان القول بوجوب صلاة العيدين خطأ؛ للتعارض المذكور، وليس كذلك، بل الصحيح أنها واجبة كما بينه الصنعاني نفسه «٢/ ٩٣ - ٩٤» وأجاب من احتج بهذه الدعوى نفسها على سنية صلاة العيدين بقوله: «وأجيب بأنه استدلال بمفهوم العدد، وبأنه يحتمل كتبهن كل يوم وليلة».
فالحق القول بوجوب صلاة الكسوف، والله اعلم.
قال الشوكاني في «الدراري»«١/ ٢١٣»: وأما كونها سنة؛ فلعدم ورود ما يفيد الوجوب، ومجرد الفعل لا يفيد زيادة على كون المفعول مسنوناً وهذا القول أمر عجب من مثل هذا الإمام؛ فإن الأمر -وهو أمر زائد على الفعل- متواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - -كما تقدم- معروف عند المبتدئين بعلم الحديث، فكيف ذهل الشوكاني؟
ورحم الله الإمام مالكاً حيث قال:«ما منا من أحد إلا رد ورد عليه؛ إلا صاحب هذا القبر» وقد عاد الشوكاني عن الخطأ الواضح في كتاب آخر له؛ فنقل الصديق حسن خان في «الروضة»«١/ ١٥٦» عنه أنه قال في السيل الجرار: اعلم أنه قد اجتمع ههنا في صلاة الكسوف: الفعل والقول، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله .. فإذا رأيتموها فافزعوا إلى المساجد».
وفي رواية:«فصلوا وادعوا» والظاهر الوجوب، فإن صج ما قيل من وقع الإجماع على عدم الوجوب، كان صارفاً، وإلا فلا».
قلت: وقد علمت مما سبق في الخطأ الثاني، أن الإجماع المذكور غير صحيح، فثبت الوجوب.