عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال عمر: قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول القائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن، أو قامت البينة، أو كان حمل، أو اعتراف. وقد قرأتها:«الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة».
[ذكر الإمام شواهده ثم قال]: ولا ينافي تلك الأحاديث قول ابن عباس لما سئل: أترك النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء؟ فقال:«ما ترك إلا ما بين الدفتين». رواه البخاري «٥٠١٩». فإنه إنما أراد من القرآن الذي يتلى، كما في «الفتح»، ومن الدليل على ذلك أن ابن عباس من جملة من روى شيئا من ذلك كما يدل عليه قوله في الحديث المتقدم «٢٩٠٩»: «صدق الله ورسوله: لو كان .. ». ثم قال الحافظ «٩/ ٦٥» في آخر شرحه لحديث ابن عباس:
«ويؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنسخت تلاوتها، وبقي أمر حكمها أو لم يبق مثل حديث عمر: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة». وحديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة، قال: فأنزل الله فيهم قرآنا: «بلغوا عنا قومنا أنا لقد لقينا ربنا»، وحديث أبي بن كعب:«كانت الأحزاب قدر البقرة». وحديث حذيفة:«ما يقرؤون ربعها. يعني براءة». وكلها أحاديث صحيحة. وقد أخرج ابن الضريس من حديث ابن عمر أنه «كان يكره أن يقول الرجل: قرأت القرآن كله، ويقول: إن منه قرآنا قد رفع، وليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب لأن جميع ذلك مما نسخت تلاوته في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -».