للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قضاء الوتر عند النسيان، وكيف يقضي؟]

السؤال: ما رأي فضيلتكم في قضاء الوتر عند النسيان، وهل يُقْضى شفعاً أم لا؟ وقد ورد حديث عائشة، ولكنه ليس نص في ذلك، فهل ورد عن الصحابة أو التابعين سند صحيح في ذلك أنه يُقْضَى شفعاً، مع أن الأكثر في الفتح قالوا إنه ما يُقْضَى؟

الشيخ: اسمع الجواب: القضاء في الشرع وفي اللغة بطبيعة الحال، ليس بمعنى أداء العبادة في غير وقتها، هذا المعنى اصطلاحي ليس شرعي ولا لُغَوي، اللغوي هو الإتيان بالعبادة بتمامها، كما قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠] هل أحد من العرب بل من العجم أمثالي يفهم: قُضيت الصلاة يعني: أُدِّيت في غير وقتها؟ طبعاً، لا.

إذاً: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} يعني: أُتِمَّت، فانتشروا.

كذلك قوله عليه السلام، بل قوله تعالى قبل ذلك: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: ٢٠٠] هذا كذاك تماماً، انتهيتم من قضاء المناسك، ليس كما قيل: حج والناس راجعة، الناس راجعة من الحج وهو ذاهب يحج قضاء، لا، {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: ٢٠٠] يعني: في الوقت المشروع.

وكذلك قوله عليه السلام: «فأتوها وعليكم السكنية والوقار، ولا تأتوها وأنتم تسعون، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» في رواية: «وما فاتكم فاقضوا» ومن أجل هذه الرواية الثانية، ولسوء فهم الأعاجم من الفقهاء الذين في مذهبي أنا الحنفي، اختلفوا مع جمهور الفقهاء: أن المسبوق مثلاً بركعة أو أكثر، إذا دخل في الصلاة وفاتته ركعة، فهل حينما يقوم ليُؤَدِّيها هذه الركعة تكون تمام الصلاة أم تكون هي أول الصلاة، فإذا كانت تمام الصلاة كما يقول الجمهور فهو لا يستفتح لما ينهض، ولا يقرأ ما بعد الفاتحة من سورة أو آية.

الأحناف يقولون: ما فاته هو أول الصلاة، ولذلك إذا قام ليأتي بالركعة الفائتة قرأ دعاء الاستفتاح، وجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية؛ لأن هذه أول الصلاة، من أين أخذوا هذا؟ من رواية: «فاقضوا» بينما الآخرون قالوا: الرسول قال: «فأتموا».

<<  <  ج: ص:  >  >>