[هل صح عن أحد من العلماء أنه قال بأن حلق الشارب بدعة؟]
مداخلة: فضيلة الشيخ! هل صح عن أحد من العلماء أنه قال بأن حلق الشارب بدعة؟
الشيخ: نعم، ذلك قول إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله، بل أنا أحفظ عنه أنه قال: حلق الشارب مُثلة، والحقيقة أن حلق الشارب أي استئصاله بالموسى أو بالماكينة الناعمة فيه خلاف للسنة، وهنا بحث لا بد لي من شرحه وإن كان قد تأخر الوقت بعض الشيء، ولكن من كان محباً لسماع العلم فليطل صدره معي:
سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - تنقسم كما تعلمون إلى قول وفعل وتقرير، وقوله عليه الصلاة والسلام في كثير من الأحيان يتحمل وجوه من المعاني، وفي هذه الحالة لا بد لطالب العلم من تتبع السنة العملية التي تحدد المراد من السنة القولية التي تحتمل أكثر من معنى واحد، فقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلق بالأخذ من الشارب بعض الألفاظ التي يمكن أن تفسر بعدة معاني، وذلك هو الذي وقع، كقوله عليه الصلاة والسلام:«حفو الشارب وأعفوا اللحى» في لفظ آخر: «جزوا» في لفظ ثالث: «أنهكوا» وكل هذه الألفاظ تعطينا المبالغة في الأخذ بالشارب أو من الشارب، فهل يا ترى المقصود بهذه الألفاظ هو الشارب كله أو بعضه، هنا وقع الخلاف بين العلماء، وهنا تتدخل السنة العملية التطبيقية لترجيح رأي على رأي، في الاحتمالات الممكنة من تلك الألفاظ وتحديد معنى من تلك المعاني.
سمعتم قوله عليه السلام:«حفوا الشارب» جزوا .. أنهكوا .. معنى ذلك استئصال الشارب كله؛ لأنه أطلق وقال:«حفوا الشارب» ما قال في هذا اللفظ وفي غيره بعض الشارب؛ ولذلك وجد من العلماء قديماً وحديثاً من يذهب إلى حلق الشارب تماماً وإعفاء اللحية، لكننا إذا نظرنا إلى شيئين اثنين:
أحدهما من قوله عليه السلام، والآخر فعله وهو الأهم.