الشيخ: الضرائب هي مكوس، وهي مما لا يجوز في الإسلام، وفرض الضرائب هو مثال صالح لفهم قاعدة المصالح المرسلة، ومتى تكون حادثة من الحوادث مصلحة مرسلة يجوز تبنِّيها ويجوز التمسك بها.
أحسن ما قرأت بهذه المناسبة كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو يؤكد عموم قوله عليه السلام:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».
تعرض هنا لتفصيل لما قد يحدث بعد الرسول عليه الصلاة والسلام من حوادث، وأنه لا يمكن أن يقال عنها كلها بأنها بدعة ضلالة، وإنما لابد من التفصيل فيها.
هذا التفصيل تفصيل رائع جداً، يقول: ما أحدث فيما بعد الرسول عليه السلام ينظر إن كان الدافع على ذاك الإحداث، المقتضي عليه كان قائماً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم هو لم يَسُنّها للناس، فلا يجوز لنا نحن أن نتخذ ذلك الحادث وسيلة لتحقيق مصلحة شرعية؛ لأنها لو كانت مشروعة لسنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما لا يخفى من القاعدة المعروفة بأن الشريعة كاملة لا حاجة إلى التذكير بها.
أما إن كان الحادث الذي حدث، وهو يحقق مصلحة مرسلة، إلا أن المقتضي لذلك لم يكن في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، هنا يقول: ننظر: إن كان الدافع على إحداث هذه الحادثة التي تحقق مصلحة مرسلة، هو تقصير المسلمين في جانب من جوانب الشريعة في تطبيقها، فقاموا بهذا المحدث وجعلوه وسيلةً لتحقيق تلك الغاية التي جعل الشارع الحكيم لها وسائل مشروعة، فلما أهملها المسلمون لم تتحقق تلك المصلحة، فأوجدوا بديلاً عن تلك الوسائل المشروعة، فهنا نقول: هذه ضلالة لا يجوز التمسك بها، وتدخل في عموم الحديث السابق:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».