ما كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي الليل كلَّه إلا نادراً
وما كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي الليل كلَّه إلا نادراً؛ فقد راقب عبدُ الله بنُ خبّاب بن الأرَتِّ - وكان قد شهد بدراً مع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الليلة كلها «وفي لفظ: في ليلة صلاها كلها» حتى كان مع الفجر، فلما سلَّم من صلاته؛ قال له خباب بن الأَرَتِّ: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي؛ لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها؟ فقال:«أجل؛ إنها صلاةُ رَغَبٍ ورَهَب، [وإني] سألت ربي عز وجل ثلاث خصال؛ فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا «وفي لفظ: أن لا يهلك أمتي بسَنَةٍ؛ فأعطانيها.
وسألت ربي عز وجل أن لا يُظْهِرَ علينا عدواً من غيرنا؛ فأعطانيها. وسألت ربي أن لا يُلْبِسَنا شِيَعاً؛ فَمَنَعَنِيْهَا».
ولهذا الحديث وغيرِهِ يُكره إحياءُ الليل كله دائماً أو غالباً؛ لأنه خلاف سنته - صلى الله عليه وسلم - ولو كان إحياء الليل أفضل؛ لما فاته - صلى الله عليه وسلم -، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ولا تغتر بما روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه مكث أربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء؛ فإنه مما لا أصل [له] عنه؛ بل قال العلامة الفيروزأبادي في «الرد على المعترض»«٤٤/ ١»: «هذا من جملة الأكاذيب الواضحة التي لا يليق نسبتها إلى الإمام، فما في هذا فضيلة تُذكر، وكان الأولى بمثل هذا الإمام أن يأتي بالأفضل، ولا شك أن تجديد الطهارة لكل صلاة أفضل وأتم وأكمل. هذا إن صح أنه سهر طوال الليل أربعين سنة متوالية! وهذا أمر بالمحال أشبه، وهو من خرافات بعض المتعصبين الجهال، قالوه في أبي حنيفة وغيره، وكل ذلك مكذوب».
وقوله:«بسَنَة»: أي: عامة؛ كما في حديث ثوبان.
قال النووي:«أي: لا يهلكهم بقحط يعمهم، بل إن وقع قحط؛ فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام. فلله الحمد والشكر على جميع نعمه».