السائل: هل يجوز لرجل أن يَؤُم الناس في صلاة التراويح وهو يقرأ من المصحف؟
الشيخ: هذه مسألة اختلف فيها العلماء منذ القديم, منهم من أجاز ذلك, ومنهم من كَرهه.
أنا بَصُفُّ نفسي مع الذين كرهوه، لسببين اثنين: السبب الأول: أنه لم يكن من عمل السلف, السلف الصالح ما كانوا يقرؤون في صلاة التراويح يَؤُمون الناس والمصاحف بأيديهم، وهذا أمر طبيعي جداً، لماذا؟ شوفوا النتائج كيف تختلف؛ لأن أئمتهم ما كانوا مثل أئمتنا.
أئمتهم كانوا علماء, كانوا حفاظاً لكتاب الله عز وجل, اليوم أكثر أئمتنا مُحَوِّشين -ولا مؤاخذة- تحويش؛ لأنه صارت الإمامة وظيفة، كأي وظيفة من الوظائف في الدولة, المفروض في الإمام أن يحفظ قسماً كبيراً، إذا ما قلنا يحفظ القرآن كله من أوله إلى آخره, فأن يحفظ قسماً كبيراً من كلام الله عز وجل، حتى يؤم الناس وما يملوا قراءته.
لأن الإنسان طبيعتُه الملل, ولو كان يسمع كلام الله فهو يمل، لكن لَمَّا يُنَوّع الإمام كل كم يوم يسمع له آية جديدة، خاصة لما يضع ذهنه فيما يتلو الإمام، بتصير الفائدة مزدوجة, الأمر الأول إذاً: هو لأن السلف الصالح ما كانوا يَؤُمون الناس والمصاحف بأيديهم.
والسبب الثاني: فُهم ضمناً، أننا إذا فتحنا باب تجويز إمامة الأئمة للناس بالمصحف، صرفنا الأئمة عن العناية بحفظ القرآن.
علماً أن القرآن حِفْظُه ليس بالأمر السهل، وقد أشار الرسول عليه السلام إلى هذا الأمر بقوله «اقرؤوا هذا القرآن وتغنوا به, فوالذي نفس محمد بيده إنه أشد