مداخلة: هناك الحديث مصحِّحُه ابن قدامة المقدسي في «المغني»، حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يقول:«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بآية سجدة كَبَّر وسجد» فما صحة هذا الحديث؟
الشيخ: ضعيف هذا، هذا مروي كما ذكرت نقلاً عن المقدسي، مروي في «مستدرك الحاكم»، ومروي في «صحيح البخاري» بنفس هذا السياق دون لفظة: «كَبَّر»، وانظروا دِقَّة علم الحديث، واسمع لما يُلقَى عليك وعليه.
هذا الحديث مروي في مستدرك الحاكم من طريق رجل مدني اسمه عبد الله بن عمر، وينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب، وهذا له أخ يسمى باسمه مصغراً، هو اسمه عبد الله أخوه اسمه عبيد الله كلاهما ابنا عمر، الحديث في صحيح البخاري: عن عبيد الله بن عمر دون لفظة: التكبير، في المستدرك: عن عبد الله بن عمر بزيادة لفظة تكبير.
ما الفرق بين الرجلين؟ كالفرق بين السماء والأرض، اصطلح علماء الحديث أن يعبروا عن الأول فيقولون: عبد الله بن عمر المكَبَّر، وأخوه الآخر: عبيد الله بن عمر المصَغَّر، الأول ضعيف باتفاق علماء الحديث، كلما روى عبد الله بن عمر حديثاً، لا يسبق إلى ذهنكم عبد الله بن عمر بن الخطاب قلت لكم آنفاً: ينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب عمر المتأخر، فهذا عبد الله بن عمر المكبَّر المدني إذا روى حديثاً فحديثه ضعيف، أخوه عبيد الله بن عمر المصغَّر إذا روى حديثاً فحديثه صحيح، لماذا؟ هذا ثقة وذاك ضعيف، وذاك الضعيف يسقط حديثه لضعفه، فما بالك إذا خالفه أخوه الثقة؟ فحينئذ يصبح حديثه منكراً؛ لأن الراوي الذي روى لفظة التكبير هو مع كونه ضعيف خالف الثقة، فيقال في زيادته، وهي:«وكبر» هي زيادة منكرة.
وهذا ما أشرت إليه في بعض الأجوبة السابقة: أن كتب الفقه تروي من الحديث ما هب ودب، ولذلك قلت لكم: إن الحافظ الزيلعي الحنفي وضع كتابه «نصب الراية» لأحاديث الهداية؛ لأنه كتاب الهداية فيه أحاديث كثيرة جداً ما هي