ذكرت صورة متفق عليها بين العلماء وهي: إذا دخل المسجد، ووجد الإمام راكعاً اقتدى فيه وركع معه، فصلاته صحيحة مع أنه لم يقرأ الفاتحة.
إذاً: هذا الحديث لم يبق على عمومه وشموله وإطلاقه.
هنا بقى الآن يأتي جواب سؤالك الأخير، وهو كان سيأتيك -عفواً- بدون طلب منك: إذا تعارض حديثان عامان، كل منهما عام، فأيُّهما يُسَلَّط على الآخر ويخصصه؟
قال العلماء: إذا كان أحد النَصَّين العامين، دخله تقييد أو تخصيص، بحيث ضَعُف عمومُه وإطلاقه، فهو الذي يُسَلَّط عليه النص العام، الذي بقي على عمومه وشموله ولم يدخله تخصيص ولا تَقيّيد، هذه قاعدة مهمة جداً جداً من الناحية الفقهية، .... الآن وَضَحت:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: ٢٠٤]، هل هناك حالة من الحالات لا يسمع الإنسان، ويجوز أن يلهو والقرآن يتلى؟ أبداً.
كذلك قوله عليه السلام، في الحديث السابق:«إنما جُعِلَ الإمامُ ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا»، ما دخله تقييد؛ لأنه ماشي مع الآية تماماً.
إذاً: هنا عمومان تعارضا، عموم:«لا صلاة»، وعموم:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}[الأعراف: ٢٠٤]، فيُقَيّد العام المقيد، بالعام غير المُقَيّد.
(الهدى والنور / ٥٣/ ٤٤: ٢٤: .. )
[قراءة الفاتحة خلف الإمام]
مداخلة: حديث: [فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب]؟
الشيخ: متنه لا يدل على وجوب قراءة الفاتحة بالنسبة للمقتدين؛ ذلك لأن الأمر بالشيء بعد النهي عنه لا يستلزم وجوبه وإنما الأمر بالشيء بعد النهي عنه يفيد