الحديث. وفي رواية عنه بلفظ:«كان يقول في خطبته بعد التشهد: إن أحسن الحديث كتاب الله .. » الحديث رواه أحمد وغيره. فقد أشار في هذا اللفظ إلى أن ما في اللفظ الأول قبيل «إن خير الحديث ... » هو التشهد، وهو وإن لم يذكر فيه صراحة فقد أشار إليه بقوله فيه:«فيحمد الله ويثني عليه» وقد تبين في أحاديث أخرى في خطبة الحاجة أن الثناء عليه تعالى كان يتضمن الشهادتين، ولذلك قلنا: إن التشهد في هذا الحديث إشارة إلى التشهد المذكور في خطبة الحاجة، فهو يتفق مع اللفظ الثاني في حديث جابر في الإشارة إلى ذلك. وقد تكلمت عليه في «خطبة الحاجة»«ص ٣٢ طبع المكتب الإسلامي»، فليراجعه من شاء. وقوله:«كاليد الجذماء» أي المقطوعة، والجذم سرعة القطع، يعني أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء على الله فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها مناوي.
قلت: ولعل هذا هو السبب أو على الأقل من أسباب عدم حصول الفائدة من كثير من الدروس والمحاضرات التي تلقى على الطلاب أنها لا تفتتح بالتشهد المذكور، مع حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - البالغ على تعليمه أصحابه إياه، كما شرحته في الرسالة المشار إليها. فلعل هذا الحديث يذكر الخطباء بتدارك ما فاتهم من إهمالهم لهذه السنة التي طالما نبهنا عليها في مقدمة هذه السلسلة وغيرها.
السلسلة الصحيحة (١/ ١/ ٣٢٥ - ٣٢٧).
[حكم جعل الخطبة الثانية في الجمعة للدعاء]
مداخلة: كثير من الخطباء [يخصص] الخطبة الثانية [للدعاء]؟
الشيخ: لا فرق في السنة بين الخطبة الثانية والأولى كلها للتذكير كما قال: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩] فكلها للتذكير والتعليم، وجعل الخطبة الثانية غير الأولى مكان للدعاء والصلاة على الرسول عليه السلام هذا بلا شك من محدثات الأمور.