[قال الإمام]: واعلم أنه لم يثبت في حديث صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأخذ من اللحية، لا قولا، ولا فعلا كالحديث المتقدم برقم «٢٨٨». نعم ثبت ذلك عن بعض السلف، وإليك المتيسر منها:
١ - عن مروان بن سالم المقفع قال:«رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف». رواه أبو داود وغيره بسند حسن؛ كما بينته في «الإرواء»«٩٢٠»، و «صحيح أبي داود»«٢٠٤١».
٢ - عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج، لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج. وفي رواية: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه. أخرجه مالك في «الموطأ»«١/ ٣٥٣». وروى الخلال في «الترجل»«ص ١١ - المصورة» بسند صحيح عن مجاهد قال: رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر، ثم قال للحجام: خذ ما تحت القبضة. قال الباجي في «شرح الموطأ»«٣/ ٣٢»: «يريد أنه كان يقص منها مع حلق رأسه، وقد استحب ذلك مالك رحمه الله، لأن الأخذ منها على وجه لا يغير الخلقة من الجمال، والاستئصال لهما مثلة».
٣ - عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى:{ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ}: «التفث: حلق الرأس، وأخذ الشاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص الأظفار، والأخذ من العارضين، «وفي رواية: اللحية»، ورمي الجمار، والموقف بعرفة والمزدلفة».
رواه ابن أبي شيبة «٤/ ٨٥» وابن جرير في «التفسير»«١٧/ ١٠٩» بسند صحيح.
٤ - عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، فذكر نحوه بتقديم وتأخير، وفيه: وأخذ من الشاربين واللحية». رواه ابن