للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التمتع بالحج]

عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ: «بِمَ أَهْلَلْتَ؟ )، قَالَ قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟ » قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ» فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَمَشَطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَإِمَارَةِ عُمَرَ، فَإِنِّي لَقَائِمٌ بِالْمَوْسِمِ، إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ بِشَيْءٍ فَلْيَتَّئِدْ فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَبِهِ فَائْتَمُّوا، فَلَمَّا قَدِمَ، قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ قَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.

[قال الإمام]:

وجه استدلال عمر رضي الله عنه بالآية أنها قد أمرت بإتمام الحج أمراً مطلقاً، فيدخل عنده فسخ الحج إلى العمرة، والجواب أن الفسخ قد ثبت الأمر به منه - صلى الله عليه وسلم - عن جماعة من الصحابة منهم أبو موسى رضي الله عنه، ولا يعقل أن يأمر - صلى الله عليه وسلم - بخلاف القرآن، فدل ذلك على أن الفسخ لا تشمله الآية، وهو المراد.

وأما احتجاجه رضي الله عنه بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحل حتى نحر الهدي، فقد تقدم في الحديث الذي قبله سبب ذلك، وهو قوله: «فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به» وهذا دليل على أن سنة الفسخ قد خفيت عنه رضي الله عنه.

[التعليق على مختصر صحيح مسلم ص ١٧٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>