وهذا شيء عجيب من مثل هذا الفقيه إذ لو كان حقا حسنا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وهو أتقى الناس. قال شيخ الإسلام في " المجموعة " «٢/ ٣٧٤»: الاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ. (٢) وقد جاء فيه حديث ولكن إسناده ضعيف بل أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: " لا يصح ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " «١/ ١٢٠» بما يؤخذ منه أنه مسلم بضعفه. (٣) والسنة بل الواجب البيات في منى ليلة عرفة كما تقدم. وقد تساهل الناس بهذه السنة كثيرا ويساعدهم على ذلك بعض المطوفين الذين لا يهمهم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وقد يجدون من الفقهاء من يهون عليهم ذلك كقول الغزالي: " إن المبيت في منى مبيت منزل لا يتعلق به نسك ". (٤) والسنة الخروج من منى بعد طلوع شمس يوم عرفة كما تقدم. (٥) وأما حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة " فهو ضعيف جدا كما بينه الزيلعي في " نصب الراية " «١/ ٨٥» وابن الهمام في " الفتح " «١/ ٤٥» وقد خفي حاله على ابن تيمية فقال في " مجموعه " «٢: ٣٨٠»: " ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه في الحج إلا ثلاثة أغسال: غسل الإحرام والغسل عند دخول مكة والغسل يوم عرفة وما سوى ذلك كالغسل لرمي الجمار والطواف وللمبيت بمزدلفة فلا أصل له بل هو بدعة ".