فمعناه البدعة الشرعية ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان أنكروا الأذان لغير الصلوات الخمس كالعيدين وإن لم يكن فيه نهي وكرهوا استلام الركنين الشاميين والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة قياسا على الطواف، وكذا ما تركه - صلى الله عليه وسلم - مع قيام المقتضي يكون تركه سنة وفعله بدعة مذمومة، وخرج بقولنا:«مع قيام المقتضي في حياته» إخراج اليهود وجمع المصحف، وما تركه لوجود المانع كالاجتماع للتراويح فإن المقتضي التام يدخل فيه عدم المانع.
[صلاة التراويح ص ٤٨]
أمْر عمر بالإحدى عشرة ركعة
وأما أمر عمر رضي الله عنه بالإحدى عشرة ركعة فهو ما رواه مالك في «الموطأ»«١/ ١٣٧»«ورقم ٢٤٨» عن محمد بن يوسف عن السائب بن ييد أنه قال: «أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشر ركعة، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر». سنده صحيح جدا وابن إسحاق قال:«ثلاث عشرة ركعة» وهكذا رواه ابن نصر في «قيام الليل»«٩١» وزاد: قال ابن إسحاق: وما سمعت في ذلك «يعني عدد القيام في رمضان» هو أثبت عندي، ولا أحرى من حديث السائب، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له من الليل ثلاث عشرة ركعة.
قلت: وهذا العدد: «ثلاث عشرة» تفرد به ابن إسحاق وهو موافق للرواية الأخرى من حديث عائشة في قيامه - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، وقد بينت في رواية أن منها ركعتي الفجر، فيمكن حمل رواية ابن إسحاق هذه على ذلك حتى توافق رواية الجماعة. ومما سبق تعلم أن قول ابن عبد البر: ولا أعلم أحدا قال فيه إحدى عشرة «إلا مالكا» خطأ بين وقال المباركفوري في «تحفة الأحوذي»: «وهم باطل» ولهذه رده الزرقاني في «شرح الموطأ» بقوله: ليس كما قال فقد رواه سعيد بن منصور من