[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
قوله تحت عنوان: دفع القيمة بدل العين: «وقد روى البخاري معلقا بصيغة الجزم أن معاذا قال لأهل اليمن: ايتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة».
قلت: في هذا الكلام إشعار بأن الأثر المذكور عن معاذ صحيح وليس كذلك فإنما علقه البخاري هكذا: «قال طاوس: قال معاذ ... » وهذا منقطع بين طاوس ومعاذ قال الحافظ في شرحه:
«هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس لكن طاوس لم يسمع من معاذ فهو منقطع فلا يغتر بقول من قال: «ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده» لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه وأما باقي الإسناد فلا؟ إلا أن إيراده له في معرض الاحتجاج به يقتضي قوته عنده».
ثم لو صح هذا الأثر لم يدل على قول أبي حنيفة أنه لا فرق بين القيمة والعين بل يدل لقول من يجوز إخراج القيمة مراعاة لمصلحة الفقراء والتيسير على الأغنياء وهو اختيار ابن تيمية قال في «الاختيارات»:
«ويجوز إخراج القيمة في الزكاة لعدم العدول عن الحاجة والمصلحة مثل.
أن يبيع ثمرة بستانه أو زرعه فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري تمرا أو حنطة فإنه قد ساوى الفقير بنفسه وقد نص أحمد على جواز ذلك ومثل أن تجب عليه شاة في الإبل وليس عنده شاة فإخراج القيمة كاف ولا يكلف السفر لشراء شاة أو أن يكون المستحقون طلبوا القيمة لكونها أنفع لهم فهذا جائز».