للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت صرتم حرما لهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة قبل أن تطوفوا به» (١).

[مناسك الحج والعمرة ص ٣٠ - ٣٢]

[الذبح والنحر]

٩٥ - ثم يأتي المنحر في منى فينحر هديه وهذا هو السنة.

٩٦ - لكن يجوز له أن ينحر في أي مكان آخر من منى وكذلك في مكة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «قد نحرت هاهنا ومنى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر فانحروا في رحالكم» (٢).

٩٧ - والسنة أن يذبح أو ينحر بيده إن تيسر له وإلا أناب عنه غيره.


(١) وهو حديث صحيح وقد قواه جمع منهم الإمام ابن القيم كما بينته في صحيح أبي داود "١٧٤٥".

ولما اطلع على هذا الحديث بعض الأفاضل أهل العلم قبل ذيوع الرسالة استغربوه وبعضهم بادر إلى تضعيفه - كما كنت فعلت أنا نفسي في بعض مؤلفاتي - بناء على الطريق التي عند أبي داود وهذه مع أنها قواها الإمام ابن القيم في التهذيب والحافظ في التلخيص بسكوته عليه فقد وجدت له طرقا أخرى يقطع الواقف عليها بانتفاء الضعف عنه وارتقائه إلى مرتبة الصحة ولكنها في مصدر غير متداول عند الجماهير وهو شرح معاني الآثار للإمام الطحاوي خفيت عليه كما خفيت علي من قبل فلذلك بادروا إلى الاستغراب أو التضعيف. وشجعهم إلى ذلك أنهم وجدوا من قال من العلماء فيه: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به. وهذا نفي وهو ليس علما، فإن من المعلوم عند أهل العلم أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه فإذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صريح الدلالة كهذا وجبت المبادرة إلى العمل به ولا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه كما قال الإمام الشافعي: يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمض عمل من الإئمة بمثل الخبر الذي قبلوا إن حديث رسول الله يثبت بنفسه لا يعمل غيره بعده".
قلت: فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به فإنه أصل مستقل حاكم غير محكوم. ومع ذلك فقد عمل بالحديث جماعة من أهل العلم منهم عروة بن الزبير التابعي الجليل فهل بعد هذا لأحد عذر في ترك العمل به؟ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. وتفصيل هذا الإجمال في المصنف الآنف الذكر.
واعلم أن رمي الجمرة لأهل الموسم بمنزلة صلاة العيد لغيرهم ولهذا استحب أحمد أن تكون صلاة أهل الأمصار وقت النحر بمنى ولهذا خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الجمرة كما كان يخطب في المدينة بعد صلاة العيد فاستحباب بعضهم صلاة العيد في منى أخذا بالعمومات اللفظية أو القياسية غلط وغفلة عن السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه لم يصلوا بمنى عيدا قط كما في فتاوى ابن تيمية "٢٦/ ١٨٠".
(٢) قلت: وفي هذا الأمر توسعة للحجاج وقضاء على القسم الأكبر من مشكلة تكدس الذبائح في المنحر واضطرار أولي الأمر هناك إلى دفنها في الأرض ومن شاء البسط فليراجع الأصل "ص ٨٧ - ٨٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>