للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترك في الحج عدة واجبات، هل يلزمه دم أم دماء]

السؤال: من ترك في الحج عدة واجبات، هل يلزمه دم أم دماء؟ مثلاً: ترك المبيت بمزدلفة، وترك المبيت بمنى، وفي اليوم الأول لم يَرْمِ جمرة العقبة؟

الشيخ: أنا أقول بالنسبة لهذا السؤال: أرجو من طلاب العلم -فضلاً عن أهل العلم- أن يُدَنْدِنوا ليس فقط هل يجب دم أو لا يجب؛ لأنهم قد يبحثون في مسألة أقل ما يقال فيها إنها موضع خلاف، فأرجو أن يبدؤوا البحث فيما لا خلاف فيه، وهو أن نتساءل: هل يأثم من ترك واجباً من واجبات الحج، فضلاً عما إذا ترك واجبات من واجبات الحج، أيأثم أم لا؟

من هنا ينبغي البدء في هذه المسألة، وليس عليه دَم أم لا، لأن اعتياد الكلام على النحو الأول، أي: هل عليه دم أم لا؟ لقد عَوَّد الناس على التساهل بالقيام بكثير من الواجبات؛ لأنه يشعر في قرارة نفسه أنه يجد له مخرجاً من الخلاص من إثم المخالفة وترك الواجب، بأن يقال له: عليك دم وبخاصة أن الدم، إيجاب الدم من يقول به، ويتوسع فيه بناء على أثر ابن عباس السابق ذكره، إنما يمكن أن يتبنى فيما إذا كان ترك شيئاً من الواجبات سهواً، أما إذا كان تركها عمداً فأنا أجد فرقاً كبيراً جداً بين من يتعمد ترك الواجب فيكون آثماً، وبين من لا يتعمد ترك الواجب، فيكون غير آثم، مَثَل هذين كَمَثل من يحلف يميناً غموساً أو يميناً خطأً، كما قال عليه السلام: «من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير، وليُكَفِّر عن يمينه».

فكفارة اليمين إنما تُشْرَع في مثل هذا الحالف الذي أراد خيراً فأخطأه، أما من حلف كاذباً فهو كما جاء في بعض الأحاديث: «اليمين الغموس تدع الديار بلاقع» فاليمين الغموس ليس لها كفارة؛ لأن الحالف قد انغمس في الإثم، فليس له مخرج منه إلا بالتوبة النصوح، كذلك أولئك الذين يكثر منهم الإخلال بكثير من الواجبات في الحج، هؤلاء قد أحاط بهم إثمهم، وأحاطت بهم سيئاتهم، وهؤلاء لا ينبغي أن نُفْسِح لهم المجال بأن نقول لهم: عليك كفارة؛ لأن الكفارة التي نعلمها إما

<<  <  ج: ص:  >  >>