هل طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته طوافًا واحدًا؟
[قال صديق خان في صدد تدليله على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطف إلا طوافًا واحدًا]:
ويدل عليه ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر: أنه حج، فطاف بالبيت ولم يطف طوافا غير ذلك.
[فعلق الألباني]:
لقد تتبعت ألفاظ هذا الحديث في «البخاري»«٣/ ٣٨٩ - ٤٣٣، ٤/ ٤ - ٥، ٩ - ١٠»، و «مسلم»«٤/ ٥١ - ٥٢»، فلم أر فيهما هذا اللفظ الذي أورده الشارح، وكأنه نقله بالمعنى! وهو تساهل منه، لا سيما وقد زاد فيه - بناء على فهمه -: ولم يطف طوافا غير ذلك؛ ولا أصل لهذه الزيادة عندهما. والناظر في ألفاظهما بتأمل؛ يتبين له خلاف ما قاله الشارح؛ ذلك لأن ابن عمر كان قارنا، كما قال في رواية لهما: إني قد أوجبت حجة مع عمرة، فانطلق حتى ابتاع بقديد هديا، ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم لم يحل منهما حتى حل منها بحجة يوم النحر - زاد مسلم -، وكان يقول: من جمع بين الحج والعمرة؛ كفاه طواف واحد، ولم يحل حتى يحل منهما جميعا. فأنت ترى أنه ليس فيه نفي طواف الإفاضة والوداع، بل قصده بيان أن القارن يكتفي أن يطوف لقدومه طوافا واحدا لحجه وعمرته. نعم؛ في بعض الروايات عنه ما يدل - بظاهره - على ما ذهب إليه الشارح، وهو قوله بعد قول نافع: فطاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحلل من شيء حرم؛ حتى كان يوم النحر؛ فنحر، وحلق، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولهذا قال الحافظ «٤/ ٥»: «وهذا ظاهره أنه اكتفى بطواف القدوم عن طواف الإفاضة، وهو مشكل».
قلت: لكن هذا الظاهر غير مراد من الحديث، والدليل قوله فيه: كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه من المعلوم أنه عليه السلام كان في حجه قارنا، وأنه طاف