للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحرام: (١)

١٢ - ثم ركب القصواء (٢) حتى إذا استوت به ناقته على البيداء [أهل (٣)

بالحج «وفي رواية: أفرد الحج: مج سع» هو وأصحابه: مج]

١٣ - [قال جابر: د مج هق]: فنظرت إلى مد بصري [من: دمي مج جا] بين يديه من راكب وماش (٤) وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه


(١) وطيبته عائشة قبل إحرامه بأطيب الطيب. ورؤي وبيض الطيب في مفارق رأيه بعد إحرامه بثلاث. كما في الصحيح.
(٢) هي بفتح القاف وبالمد اسم ناقته صلى الله عليه وسلم ولها أسماء أخرى مثل " العضباء " و " الجدعاء ". وقيل: هي أسماء لنوق له صلى الله عليه وسلم. انظر " شرح مسلم للنووي.
(٣) من الإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية يقال: أهل المحرم بالحج يهل إهلالا: إذا لبى ورفع صوته. كذا في النهاية.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم حرم بالحج وحده لكن في حديث أنس وغيره في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج والعمرة معا وهو الصحيح كما بينه ابن القيم في " زاد المعاد " وساق فيه نحو عشرين حديثا عن نحو عشرين صحابيا أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قارنا فليراجعه من شاء التوسع في التحقيق وقد فاته قول عائشة: " يا رسول الله أتنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج " وهو عند البخاري وأحمد من حديث جابر نفسه وهو نص في المسألة. انظر الفقرة الآتية «١١١».
وعليه فجابر رضي الله عنهـ على علم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا فكيف يخبر عنه أنه أهل بالحج وحده وأفرده.
والجواب من وجهين:
الأول: أن يحمل على أول الإحرام. وقبل نزوله صلى الله عليه وسلم في وادي العقيق الذي أمر فيه بالقران كما أخبر عمر رضي الله عنهـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق: عمرة في «وفي رواية: و» حجة ". رواه البخاري وغيره.

وفي هذا بعد عندي لأن جابرا رضي الله عنهـ لم يتفرد برواية الإفراد عنه صلى الله عليه وسلم بل تابعه عليها جماعة من الأصحاب كالسيدة عائشة رضي الله عنها في الصحيحين وغيرهما وفي رواية لمسلم و " الموطأ " وابن سعد عنها بلفظ جابر الصريح: " أفرد الحج " ومن الصعب حينئذ الحمل المذكور لما فيه من نسبة عدم العلم إلى الأصحاب. ولذلك اختار الوجه الأول جماعة من العلماء كابن المنذر وابن حزم والقاضي عياض ورجحه الحافظ في " الفتح ". فمن شاء التوسع في التحقيق فليرجع إليه.
وأما إعلال ابن القيم لرواية جابر هذه الصريحة يتفرد الداوردي بها فيرده أنه تابعه عبد العزيز بن أبي حازم عليها. أخرجها ابن سعد في " الطبقات " «٢/ ١ / ١٧٩». [منه]
(٤) قال النووي ما مختصره:
فيه جواز الحج راكبا وماشيا وهو مجمع عليه واختلف في الأفضل منهما فقال جمهور العلماء: الركوب أفضل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أعون له على وظائف ومناسكه ولأنه أكثر نفقة وقال داود: ماشيا أفضل لمشقته وهذا فاسد لأن المشقة ليست.
ومنه تعلم جواز بل استحباب الحج راكبا في الطائرة خلافا لمن يظن العكس وأما حديث: " إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة والماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة " فهو ضعيف لا تقوم به حجته وروي بلفظ: " للماشي أجر سبعين حجة وللراكب أجر ثلاثين حجة " وهو أشد ضعفا من الأول ومن شاء الاطلاع عليها فليراجع كتابنا " سلسلة الأحاديث الضعيفة " «رقم ٤٩٦ - ٤٩٧» وقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مناسك الحج " أن الحكمة في هذه المسألة تختلف باختلاف الناس " فمنهم من يكون حجه راكبا أفضل ومنهم من يكون حجه ماشيا أفضل".
قلت: ولعل هذا هو الأقرب إلى الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>