للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به (١).

١٤ - فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

١٥ - وأهل الناس بهذا الذي يهلون به «وفي رواية: ولبى الناس [والناس يزيدون: جا حم]: جا هق حم» [لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل: د حم هق] فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم شيئا منه (٢).


(١) فيه إشارة لطيفة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يبين للصحابة ما نزل عليه من القرآن وأنه هو وحده الذي يعرف تأويله وتفسيره حق المعرفة وأن غيره - حتى من الصحابة - لا يمكنه الاستغناء عن بيانه صلى الله عليه وسلم ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم في هذه الحجة - كغيرها من العبادات - يتتبعون خطاه فما عمل به من شيء عملوا به ففيه رد ظاهر على فريقين من الناس:

أ - الصوفية الذين يستغني أحدهم عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه وبيانه بما يزعمونه من العلم اللدني يرمز إليه بعضهم بقوله: " حدثني قلبي عن ربي " بل زعم الشعراني في " الطبقات الكبرى " أن أحد شيوخه «المجذوبين» والذين يترضى هو عنهم كان يقرأ قرآنا غير قرآننا ويهدي ثواب تلاوته لأموات المسلمين
ب - طائفة يسمون أنفسهم ب " القرآنيين " والقرآن منهم بريء يزعمون أن لا حاجة بهم لفهم القرآن إلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام ويكفي في ذلك المعرفة باللغة العربية وآدابها. مع أن هذا لم يكف جابرا وأصحابه كما عرفت، لا سيما وهم عرب أقحاح نزل القرآن بلغتهم بينما هذه الطائفة كلهم أو جلهم من الأعاجم، وكان من نتيجة زعمهم المذكور أن خرجوا عن الإسلام وجاؤوا بدين جديد فصلاتهم غير صلاتنا وحجهم غير حجنا وصومهم غير صومنا، ولا أدري لعل توحيدهم غير توحيدنا، وقد نبغ هؤلاء في الهند ثم سرت فنتهم إلى مصر وسوريا، وكنت قرأت لهم كتابا باسم " الدين " - ليس عليه اسم مؤلفه- مَن قرأه عرف منه ضلالهم وخروجهم من الدين كفى الله المسلمين شر الفريقين.
(٢) هذا يدل على جواز الزيادة على التلبية النبوية لإقراره صلى الله عليه وسلم لهم لها، وبه قال مالك والشافعي: وقد روى أحمد عن ابن عباس أنه قال: " انته إليها فإنها تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وصحح سنده بعض المعاصرين وفيه من كان اختلط. وقد صح عن أبي هريرة أنه كان من تلبيته عليه السلام: لبيك إله الحق. رواه النسائي وغيره. والتلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لبب وأخذ بلبته والمعنى: أنا مجيبك لدعوتك مستسلم لحكمك مطيع لأمرك مرة بعد مرة لا أزال على ذلك. ذكره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>