قلت: ومن الغرائب موقف الحافظ البيهقي من هذه السنة أعني الصلاة على الجنازة في المصلى، فإنه لم يعقد لها في كتابه الكبير «السنن الكبرى» بابا خاصا مع كثرة الأحاديث الواردة فيه كما رأيت، مع انه عقد بابا مفردا للصلاة عليها في المسجد مع أنه ليس فيه إلا حديث عائشة، ثم جرى على سننه بعض الشافعية في مختصراتهم فأغفلوا الصلاة عليها في المصلى، كالنووي رحمه الله في «منهاج الطالبين»«ق ٣٤ - ٢» فقال: «وتجوز الصلاة عليه في المسجد»، ولو أنه أضاف إلى ذك نحو قوله «وتسن الصلاة عليها في المصلى» لأصاب.
وقد عكس ذلك الباجوري في حاشيته على ابن القاسم فقال:«١ - ٤٢٤»: «ويسن أن تكون الصلاة عليه بمسجد»! ثم لم يذكر الصلاة عليها في المصلى! ! والحق ما ذكرنا من السنية مع القول بجواز الصلاة عليها في المسجد لحديث عائشة وحمله على أنه لأمر عارض بعيد، لأنه لو كان كذلك لما خفي على السيدة عائشة ومن ممها من أمهات المؤمنين، ولما طلبن إدخال الجنازة إلى المسجد دون عذر. وهذا بيّن إن شاء الله تعالى.
الخامس: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى على جنازة في المسجد فليس له شئ».
أحكام الجنائز [١٣٥].
[لا يجوز الصلاة على الجنازة بين القبور]
ولا تجوز الصلاة عليها بين القبور، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
«أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور».
ويشهد للحديث ما تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن اتخاذ القبور مساجد، وقد ذكرت ما ورد في ذلك في أول كتابي «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد».