للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل البسملة من الفاتحة]

واحتج القائلون بأن البسملة ليست من «الفَاتِحَة» بهذا الحديث، وهو من أوضح ما احتجوا به؛ قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع: فثلاثٌ - في أولها -: ثناء؛ أولها: {الحَمْدُ لِلَّهِ} وثلاثٌ: دعاءٌ؛ أولها: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}، والسابعة: متوسطة؛ وهي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

قالوا: ولأنه سبحانه وتعالى قال: «قسمت الصلاة بيني، وبين عبدي نصفين: فهذا قال العبد: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}. .. ». فلم يذكر البسملة، ولو كانت منها؛ لذكرها». اهـ.

ثم ذكر النووي جواب الشافعية عن الحديث بما لا يُقْنع، وقد ذكرها الشوكاني «٢/ ١٧٤»، ثم قال: «ولا يخفى أن هذه الأجوبة؛ منها ما هو غير نافع، ومنها ما هو ضعيف».

وقد ذكر الزيلعي في «نصب الراية» أقوال العلماء في البسملة؛ فقال «١/ ٣٢٧»: «والمذاهب في كونها من القرآن ثلاثة: طرفان، ووسط: فالطرف الأول: قول من يقول: إنها ليست من القرآن إلا في سورة «النَّمْلِ»؛ كما قال مالك، وطائفة من الحنفية، وقاله بعض أصحاب أحمد؛ مدعياً أنه مذهبه، ناقلاً لذلك عنه».

والطرف الثاني: قول من يقول: إنها آية من كل سورة، أو بعض آية؛ كما هو المشهور عن الشافعي، ومن وافقه.

والقول الوسط؛ أنها من القرآن حيث كتبت، وأنها مع ذلك ليست من السور؛ بل كتبت آية في كل سورة، وكذلك تتلى آية مفردة في أول كل سورة؛ كما تلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت عليه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ}. رواه مسلم من حديث المختار بن فُلفُل عن أنس: أنه عليه الصلاة والسلام أغفا إغفاءة، ثم استيقظ، فقال: نزلت عليَّ سورة آنفاً ثم قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ ... } إلى آخرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>