وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرؤوا: يقول العبد: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}؛ يقول الله تعالى: حمدني عبدي. ويقول العبد:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؛ يقول الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي. ويقول العبد:{مَالِكِ يَوْمِ الدَّينِ}؛ يقول الله تعالى: مَجَّدَني عبدي. يقول العبد:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}؛ [قال]: فهذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}؛ [قال]: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل».
قوله: قسمت الصلاة: أي: «الفَاتِحَة»، وهو من إطلاق الكل، وإرادة الجزء؛ «تعظيماً»، قال في «شرح مسلم»: «قال العلماء: المراد بالصلاة هنا: «الفَاتِحَة»، سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها - كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج عرفة» -؛ ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة؛ قال العلماء: والمراد قسمتها من جهة المعنى؛ لأن نصفها الأول: تحميد لله تعالى، وتمجيد، وثناء عليه وتفويض إليه، والنصف الثاني: سؤال، وتضرع، وافتقار.
«مجدني»: أي: عظمني.
قوله:«يقول العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}؛ [قال]: «فهؤلاء «٢» لعبدي، ولعبدي ما سأل» فيه دليل على أن:{اهْدِنَا}، وما بعده، إلى آخر السورة: ثلاث آيات، لا آيتان. وفي المسألة خلاف مبني على أن البسملة من «الفَاتِحَة» أم لا؛ فمذهب الشافعية وغيرهم أنها آية من «الفَاتِحَة» - كما سبق -، و:{اهْدِنَا}، وما بعده: آيتان. ومذهب مالك وغيره - ممن يقول أنها ليست من «الفَاتِحَة» - يقول:«اهْدِنَا» وما بعده: ثلاث آيات؛ بدليل هذه الرواية. واحتج الأولون برواية مسلم:«هذا لعبدي». وقد عرفت الحق في ذلك مما ذكرنا قريباً.