ويجب على المقتدي أن يقرأها وراء الإمام في السرية، وفي الجهرية أيضا إن لم يسمع قراءة الإمام، أو سكت هذا بعد فراغه منها سكتة ليتمكن فيها المقتدي من قراءتها، وإن كنا نرى أن هذا السكوت لم يثبت في السنة.
[تلخيص الصفة فقرة ٥٤].
نَسْخُ القراءة وراءَ الإمام في الجهرية
وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أجاز للمؤتمين أن يقرؤوا بها وراء الإمام في الصلاة الجهرية؛ حيث كان في صلاة الفجر، فقرأ، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ؛ قال:«لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ ». قلنا: نعم؛ هذّاً يا رسول الله! قال:«لا تفعلوا؛ إلا [أن يقرأ أحدكم] بـ: «فاتحة الكتاب»؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها».
هذًّا: بتشديد الذّال وتنوينها.
قال الخطابي «١/ ٢٠٥»: «والهذّ: سرد القراءة، ومداركتها في سرعة واستعجال».
والحديث حجة في القراءة خلف الإمام في الجهرية، ولكنه لا يدل على الوجوب؛ بل على الإباحة - كما يأتي بيانه قريباً -.
قال الخطابي في «المعالم»«١/ ٢٠٥»: «هذا الحديث نص بأن قراءة «فاتحة الكتاب» واجبة على من صلى خلف الإمام، سواء جهر الإمام بالقراءة، أو خافت بها». ثم قال «٢٠٦»: وقد اختلف العلماء في هذه المسألة؛ فروي عن جماعة من الصحابة أنهم أوجبوا القراءة خلف الإمام. وروي عن آخرين أنهم كانوا لا يقرؤون. وافترق الفقهاء فيها على ثلاثة أقاويل: فكان مكحول والأوزاعي والشافعي وأبو ثور يقولون: لا بد من أن يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به، وفيما لا يجهر.