للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقومون يصلون لماذا؟ لأنهم يريدون أن يصلوا بإمامهم، فإذا أُقيمت الصلاة للجماعة الثانية للإمام الثاني هناك ناس آخرون جلوس، لماذا؟ يريدون أن يصلوا مع إمامهم؛ فالثالث والرابع هكذا؛ فأيُّ تَفَرُّق أشد من هذا التفرق؟ !

هذا التفرق معترف به رسمياً في الدولة.

ولقد وقع لي مرة أن قلت لأحد المتعصبة -وهو في المسجد-: قد أقيمت الصلاة فهيا لنصلي، قال: هذه الصلاة لم تُقَمْ لنا، يعني: هو مذهبه مثلاً حنفي، والصلاة التي أُقيمت أُقيمت للشافعية.

هذه أمور كانت تقع منذ قرون، أما في هذا الزمان فقد اضْمَحَلَّت هذه العصبية، لكن مع الأسف أقول: لم تَضْمَحِل من كثير من الناس؛ لأنها تخالف الإسلام وتُفَرِّق الدين، وإنما لأن الواحد منهم لا يبالي يصلي مع الإمام الأول أو الثاني، خلاصة الكلام: تكرار الجماعة في المساجد -ولو كانت غير رسمية- فهي مما تُفَرِّق الجماعة الأولى، والتَّفَرُّق في الإسلام منهي عنه.

ولستم بحاجة إلى التوسُّع في هذه القضية، ولكني أُذَكِّركم بكلمةٍ للإمام الشافعي -رحمه الله- قالها في كتابه «الأم» المعروف، قال: «وإذا دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى».

(الهدى والنور /٣٤١/ ١٥: ١٩: ١)

[مذهب الشافعي في حكم الجماعة الثانية]

الشيخ: الإمام الشافعي صَرَّح بأنه: إذا دخل جماعة المسجد بعدما صَلَّت الجماعة الأولى، يصلون فُرادى، ثم قال: وإن صَلُّوا جماعةً أجزأتهم صلاتُهم، ولكني أكره لهم ذلك؛ لأنه لم يكن من عمل السلف، وأنَّا قد حفظنا: أنَّ جماعةً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتتهم الصلاة مع الجماعة، فصلوا فُرادى، وقد كانوا قادرين على أن يُجَمِّعوا مرة أخرى، ولكنهم لم يفعلوا؛ لأنهم كرهوا أن يجّمعوا في مسجد مرتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>