فهذا الحديث يدل على أنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الجماعة الأولى، من أين أخذنا هذه الدلالة؟
مِن هَمِّه عليه السلام بحرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، وإلا لو كان هناك جماعة ثانية ومشروعة لكان في ذلك عذر واضح لأولئك المُتَخَلِّفين في بيوتهم، فكان بإمكانهم أن يعتذروا عن أنفسهم، وأن يقولوا: لو هَمَّ، أو لو فعل الرسول ما هَمَّ به من تحريق بيوتهم بالنار لقالوا: يا رسول الله نحن نصلي مع الجماعة الثانية أو الثالثة أو ما أدري كم الرقم، يختلف هذا باختلاف البلاد أو المساجد، وأنا شخصياً في دمشق شاهدت أكثر من مرة وفي المسجد الكبير -مسجد بني أمية- آذان المغرب يؤذِّن وهناك جماعة في المسجد يُصَلُّون صلاة العصر، تصوَّروا كم جماعة أقيمت من بعد الجماعة الأولى، علماً أن من مساوئ هذا المسجد الكبير غير تكرار هذه الجماعة الطارئة، فهناك أربعة محاريب، وأربعة جماعات مُعترف بها في وزارة الأوقاف، بل ولكل محراب إمامه، هذا هو الإمام الحنفي في الوسط، يميناً الشافعي، يساراً الحنبلي، ثم المالكي، هكذا هذا -بلا شك- ليس مشروعاً، بل كراهته أشد مما نحن نتحدث فيه؛ لأنها أئمة معترف بها رسمياً من قِبل الدولة.
أما الإسلام الذي جاء في القرآن، وجاء في حديث الرسول عليه السلام، فهو لا يعترف بهذه الجماعات الطارئة، كما مثَّلْتُ لكم آنفاً، آذان المغرب يؤَذَّن، وهناك جماعة تُصلي صلاة العصر، هذه الجماعة الطارئة، فأنكر منها أربع جماعات، بل ثلاث جماعات بعد الجماعة الأولى معترف بها رسمياً، وتصرف أموال الشعب المسلم لإقامة هذه الجماعات غير المشروعة، وهي بعد الجماعة الأولى.
هذا بلا شك يخالف القرآن ويخالف السنة أما القرآن فقوله تبارك وتعالى:{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم: ٣٢].
لا شك أن الصلاة من الدين فالتفرُّق في هذه الصلاة هو تفرُّق في الدين، ولا أدل على ذلك من أننا كنا نشاهد تُقَام الصلاة فيصلي الإمام الأول، وهناك جلوس، ناس جلوس لا