مداخلة: ينهوا الصلاة، ومن ثَمَّ تأتي جماعة أخرى وتقيم الصلاة.
الشيخ: هذه في الحقيقة -الجماعة الثانية- من العادات التي سار عليها المسلمون من زمن بعيد، وهي ليست مشروعة عند جماهير علماء المسلمين.
كلنا يعلم أن صلاة الجماعة في مساجد المسلمين فريضة، أو واجبة يجب على كل مسلم أن يسعى إليها فور سماعه المؤذن يقول:«حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفلاح» هذا الواجب في سبيل الحفاظ عليها وتكثير سواد جماعتهم حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على أدائها فقال:«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمسٍ» وفي رواية «بسبعٍ وعشرين درجة».
ثم كلما كثرت الجماعة كلما كان أجرُها أعظم عند الله تبارك وتعالى، لذلك كان السلف الصالح حريصين كلَّ الحرص على المحافظة على هذه الجماعة، أولاً: ليقوموا بواجب قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}[البقرة: ٤٣] كما شرحنا ذلك في درس أو محاضرة مضت: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}[البقرة: ٤٣] أي: صَلُّوا مع المصلين في المساجد، فحرصاً من السلف كانوا يفعلون ذلك ويحضرون الصلاة في المساجد، ثم بعد ذلك لا تقام جماعة ثانية أبداً، ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي سَنَّ للأمة هذه الجماعة جعلها جماعةً فريدة واحدة.
فمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمنه كسائر المساجد الأخرى التي كانت في بَلَدِه أو في غيره من بلاد التي دخلها الإسلام، كان المسلمون يحافظون على وحدة الجماعة.
ومن الأدلة على ذلك: الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمُرَ رجلاً فيصلي بالناس، ثم آمُر رجالاً فيحطِبوا حَطَباً، ثم أُخالِف إلى أُناس يَدَعُون الصلاة مع الجماعة فأحرِّق عليهم بيوتَهم، والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها» أي: صلاة العشاء.