للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمقاطعة، فكانت هذه المقاطعة سبب لتزكية نفوس هؤلاء، وندموا على ما فعلوا للتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى أنزل الله عز وجل التوبة عليهم، فالمقاطعة أمر مشهور مرغوب في الواقع، ولكن فيها دقة فيجب أن توضع في مكانها.

والناس أيضاً هنا ككثير من المسائل ما بين إفراط وتفريط، اسم المقاطعة اليوم لا ذكر لها على ألسنة الخطباء والمدرسين، لماذا؟ لأني أنا أقول في كثير من الأحيان لما أسأل يقول: يا أخي إذا تُقاطع الناس كلها معناها تنزوي على رأس جبل ولا تخالط الناس، لكن بدك تصبر، لكن لما يكون العلاقة بين شخص وشخص قريبه فهنا المقاطعة يكون لها تأثير، أما مقاطعة الناس كلها هذا لا يمكن، لذلك قال عليه السلام: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».

«الهدى والنور» «٢٦١/ ٤١: ٠٠: ٠٠»

[باب خطورة القول بتكفير تارك الصلاة]

سؤال: قلتم في بعض مجالسكم أن الخطأ في مسألة تكفير تارك الصلاة مفتاح لباب من أبواب الضلال، نرجو أن تفصلوا لنا القول في هذه المسألة؟

الجواب: تفصيل هذه المسألة هو ما تكلمنا عنه مراراً وتكراراً: التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي؛ لأن تارك الصلاة له حالتان: إما أن يؤمن بها بشرعيتها، وإما أن يجحد شرعيتها، ففي الحالة الثانية هذه فهو كافر بإجماع المسلمين، وكذلك كل من جحد أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، من جحد الصيام مثلاً فهو كافر، الحج إلى آخر ما هناك من أمور معروفة عن المسلمين جميعاً أنها من ضروريات الدين، فهذا لا خلاف فيه، من جحد شرعية الصلاة فهو كافر، لكن إذا كان هناك رجل لا يجحد الصلاة، يعترف بشرعيتها، ولكن من حيث العمل هو لا يقوم بها، لا يصلي، فربما لا يصلي مطلقاً، وربما يصلي تارة وتارة، ففي هذه الحالة إذا قلنا: هذا رجل كفر ما يصدق عليه هذا الكلام بإطلاقه؛ لأن الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>