ذات صباح يوم لقضاء الحاجة وكان معه المغيرة بن شعبة، فلما جاء وقت الوضوء صب المغيرة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان الناس ينتظرونه عليه السلام ليصلي بهم إمامًا كما هي عادته فلما استأخروه قدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم إمامًا، فجاء المغيرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم المغيرة أن ينبئ الإمام بمجيء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليتأخر فأشار إليه أن دعه، فاقتدى الرسول عليه السلام والمغير بعبد الرحمن بن عوف، ثم سلم عبد الرحمن وقام وقضيا الركعة التي كانت فاتتهما، فلم يقتدي المغيرة بالرسول عليه السلام في تمام هذه الصلاة كما يفعل البعض اليوم، وكذلك الصورة التي أنت ذكرتها آنفًا أن يأتي رجل وقد سلم الإمام فيجد بعض المسبوقين، فيقتدي به، فلم تقع هذه الصورة أبدًا.
والجماعة الثانية على كل حال في المسجد لا تشرع؛ لأن السلف الصالح كلهم كانوا إذا فاتتهم الصلاة مع الجماعة صلوا فرادى، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم: وأنا قد حفظنا أن جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتتهم الصلاة مع الجماعة فصلوا فرادى وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا مرة أخرى، ولكنهم لم يفعلوا؛ لأنهم كرهوا أن يجمعوا في مسجد مرتين.
(فتاوى رابغ (٦) /٠٠: ٣٦: ٣٦)
[حكم الجماعة الثانية في المسجد]
مداخلة: فضيلة الشيخ حفظك الله ما حكم الجماعة الثانية في المسجد؟ وإذا كانت مكروهة وأتيت بعد انتهاء الجماعة الأولى فهل أعود إلى بيتي وأصلي الصلاة في البيت؟ أرجو التوضيح أثابكم الله.
الشيخ: هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء من الأئمة الأربعة ثم من تابعهم، فأكثرهم على القول بكراهة تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب، المؤذن يؤذن يجمع الناس للصلاة في هذا المسجد، والإمام يؤمهم ويصلي بهم، أما مسجد على قارعة الطريق ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب فتجوز الجماعة الثانية وما بعدها فيه، كلما دخلت جماعة أقامت الصلاة جماعة لا حرج في ذلك بهذا الشرط