للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكور وهو: أن لا يكون له إمام راتب ولا مؤذن راتب بخلاف ما إذا كان من للمسجد مثل هذا الشرط فحينئذ تكره عقد جماعة ثانية، هذا مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي.

أما الأمام أحمد فالرواية المشهورة عنه أنه يقول بجواز تكرار الجماعة في المسجد الواحد، لكني وجدت في كتابه المعروف بمسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني صاحب السنن المعروف بسنن أبي داود وجدته يروي عن الإمام أحمد أنه قال: تكره إعادة صلاة الجماعة في الحرمين الشريفين أكثر من غيرهما، فرأيت في هذا النقل الصحيح الذي نقله أبو داود في مسائله عن الإمام أحمد رحمه الله ما يوافق أقوال الأئمة الثلاثة الذين ذكرتهم آنفا، وكلام الإمام الشافعي في كتابه المشهور والمسمى: بالأم صريح جدًا في هذه المسألة.

وفيه فائدة قلما تلتقط من غير كتابه حيث قال بلسانه العربي القرشي: وإذا دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى، وإن صلوا جماعة جازت صلاتهم، وإنما أكره ذلك منهم؛ لأنه لم يكن من عمل السلف ثم قال: وأما مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب فيجوز تكرار الجماعة فيه.

ثم قال وهذه هي الفائدة العزيزة التي أشرت إليها آنفًا: وأنا قد حفظنا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتتهم الصلاة مع الجماعة دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى قال: وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في مسجد مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا؛ لأنهم كرهوا أن يجمعوا في مسجد مرتين، والحكمة في هذا الحكم الذي تبناه الأئمة الثلاثة وتبعهم الإمام أحمد في تلك الرواية الصحيحة عنه أن القول أو أن إقامة الجماعة الثانية وما بعدها في المسجد الذي له إمام راتب ومؤذن راتب يؤدي إلى تفريق جماعة المسلمين وعلى الأقل تقليل الجماعة الأولى، فإنها هي التي قال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمس - وفي الرواية الأخرى بسبع - وعشرين درجة» فهذه الفضيلة إنما تختص بها الجماعة الأولى

<<  <  ج: ص:  >  >>