«ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ليالي التشريق»؛ وهو النسك السادس.
والحاصل: أن المبيت بمنى ليس بمقصود في ذاته؛ إنما هو لأجل الرمي المشروع؛ لأنه فعل، والزمان والمكان من ضرورياته، فالحق ما قاله الحنفية وبعض الشافعية؛ من عدم وجوبه في نفسه.
[فعلق الألباني]:
قلت: هذا خلاف ما سبق تقريره من المصنف؛ أن الأصل في أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في مناسك الحج الوجوب، وما ذكره هنا من الدليل على أن المبيت غير واجب؛ إنما هو رأي لا دليل عليه من السنة، بل السنة تخالفه وتشهد لهذا الأصل، وهو ما صححه الترمذي وغيره عن عاصم بن عدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى ... الحديث، وقد خرجته وصححته في «التعليقات»«٧/ ٤».
وفي «البخاري» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للعباس أن يبيت بمكة أيام منى من أجل سقايته.
قال الحافظ:«وفي الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى، وأنه من مناسك الحج؛ لأن التيسير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة، وأن الإذن وقع للعلة المذكورة، وإذا لم توجد أو ما في معناها؛ لم يحصل الإذن، وبالوجوب قال الجمهور». ونقله الشوكاني في «النيل»«٥/ ٦٨»، لكنه لم يعزه إليه؛ فدل على أنه يرى الوجوب خلافا للشارح؛ وهو الحق!