كانت النجاسة التي وقعت فيه قليلة، لكن حديث بئر بضاعة ينفي ذلك من القول: ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة.
فلهذا يتضح أن حديث القُلَّتين لا يصلح -من حيث الفقه- أن يكون مبدأ وقاعدة، بخلاف حديث البئر فهو المبدأ وهو القاعدة؛ وما كان كذلك من الأحاديث فَيُسَلَّط أحدهما على الآخر، وهو الذي يقيده ويوضحه ويبينه.
وأخيراً نقول: إن الظاهر أن حديث القلتين خرج جواباً لحادثة معينة، لا لقاعدة مطردة شاملة؛ ولذلك فليس له حكم ثابت مستقل إلى يوم القيامة، وإنما هذا الحكم هو للحديث المذكور آنفاً.
(الهدى والنور / ٢٨/ ١٣: ٨.: ٠٠)
[فقه حديث القلتين]
الشيخ: كان السؤال حول حديث: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث»، هل هو صحيح؟ وما فِقْهُه؟
فكان الجواب: أنه من حيث إسناده صحيح، لكن من الناحية الفقهية فليس العمل عليه، إنما العمل على حديث أبي سعيد الخدري الذي جاء في بئر بُضاعة، والذي قال عليه السلام فيه:«الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء».
فحديث القلتين إذا وقفنا عنده وأخذنا بمنطقه ومفهومه ما نستطيع أن نأخذ منه حكماً شرعياً منضبطاً، فمنطوق الحديث: أن النجاسة مهما كانت كمِّيتها فما دام أن الماء بلغ القلتين فهذا غير نجس، وهذا لا يقول به فقيه، وعلى العكس: إذا لم يبلغ قُلَّتين ووقع فيه قطرة من نجاسة بول -مثلاً- أو دم فقد تَنَجَّس، وصار في هنا شيء من التنافر كُلِّي، إذا فرضنا القلتين بالمكاييل المعروفة اليوم، لو فرضنا خمسين كيلو .. لأني ليس واعي الآن، تحفظ قدر ماذا معيرينه الآن قلتين؟