للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر بعض الأحاديث التي أشرنا إليها آنفاً، ومنها حديث ابن عباس هذا. ثم ذكر بعض الآثار عن الصحابة في القراءة وعدمها، ثم قال: «وبالجملة؛ الأمر بين الصحابة مختلف، ونفس القراءة ثابت؛ فلا سبيل إلى الحكم بالكراهة، بل غاية الأمر أن لا يكون لازماً». اهـ.

وقال أبو الحسن السندي: «ينبغي أن تكون «الفَاتِحَة» أَوْلَى وأحسن من غيرها من الأدعية. ولا وجه للمنع منها. وعلى هذا كثيرٌ من محققي علمائنا، إلا أنهم قالوا: يقرأ بنية الدعاء والثناء؛ لا بنية القراءة.

قلت: وهذا القيد مما لا دليل لهم عليه؛ اللهم! إلا أن يكون محاولة منهم للتوفيق بين قول أئمتهم: لا قراءة على الجنازة. وبين ثبوتها فيها عنه - صلى الله عليه وسلم -. والأخذ بالسنة -بدون أي قيد خارجي عنها- أولى، وبالاتباع أحرى.

ومن غرائب علمائنا أنهم أثبتوا قراءة دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة؛ قياساً على الصلوات المعهودة، مع أنه لم يأت أي حديث في قراءته! ونَفَوا قراءة «الفَاتِحَة» والسورة، ولم يقيسوا ذلك على قراءتها في الصلوات المعروفة، مع ثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم -.

فتأمل منصفاً! ومما يدفع ذلك القيدَ ثبوتُ قراءة السورة بعد «الفَاتِحَة»، ولا يعقل تقييدها بمثل ما قيدوا به «الفَاتِحَة»؛ لأن أكثر السور لا دعاء فيها؛ كسورة «الإِخْلاص» مثلاً.

[أصل صفة الصلاة (٢/ ٥٥٦)]

[قراءة الفاتحة تكون بعد التكبيرة الأولى]

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخافت فيها [أي الفاتحة] مُخَافَتَةً بعد التكبيرة الأولى.

قد ذهب إلى العمل به الشافعية؛ فاتفقوا على أن القراءة بعد التكبيرة الأولى.

وهو قول أحمد؛ قال أبو داود في «مسائله» «١٥٣»: «سألت أحمد عن الدعاء

<<  <  ج: ص:  >  >>