للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز دفن الرجل لزوجته مشروط بما إذا كان لم يطأ تلك الليلة]

- لكن ذلك مشروط بما إذا كان لم يطأ تلك الليلة، وإلا لم يشرع له دفنها، وكان غيره هو الأولى بدفنها ولو أجنبيا بالشرط المذكور، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «شهدنا ابنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر فرأيته عينيه تدمعان ثم قال: «هل منكم من رجل لم يقارف (١) الليلة «أهله»؟ فقال أبو طلحة: «نعم» أنا يا رسول الله! قال: فانزل، قال فنزل في قبرها «فقبرها».

قال النووي في «المجموع» «٥/ ٢٨٩»: «هذا الحديث من الاحاديث التي يحتج بها في كون الرجال هم الذين يتولون الدفن وإن كان الميت امرأة، قال: ومعلوم أن أبا طلحة رضي الله عنه أجنبي عن بنات النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه كان من صالحي الحاضرين، ولم يكن هناك رجل محرم إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلعله كان له عذر في نزول قبرها، وكذا زوجها، ومعلوم أنها أختها فاطمة وغيرها من محارمها وغيرهن هناك، فدل على أنه لا مدخل للنساء في إدخال القبر والدفن».

وقال الحافظ في «الفتح»: «في الحديث إيثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت ولو كان امرأة على الاب والزوج، وقيل: إنما اثره بذلك لأنها كانت صنعته، وفيه نظر، فإن ظاهر السياق أنه اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع».

قلت: والحديث ظاهر الدلالة على ما ترجمنا له، وبه قال ابن حزم رحمه الله «٥/ ١٤٤ - ١٤٥»، ومن الغرائب أن عامة كتب الفقه التي كنت وقفت عليها، أو راجعتها بهذه المناسبة لم تتعرض لهذه المسألة، لا نفيا ولا إثباتا، وهذا دليل من أدلة كثيرة على أنه لا غنى للفقيه عن كُتُب السُّنَّة خلافا لما يظنه المتعصبة للمذاهب أن كتب الفقه تغني عن كتب الحديث بل وعن كتاب الله تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، أنظر «سلسلة الاحاديث الصحيحة» «ج ١ ص ١٢٨ - ١٢٩ طبع المكتب الاسلامي».

أحكام الجنائز [١٨٨].


(١) أي يجامع كما في «النهاية»، واستبعد هذا التفسير الطحاوي بدون أي دليل، فلا يلتفت إليه. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>