الحسن البصري أنه قال: وهل كانت جوارب الأنصار إلا مخرقة، وهذا هو الذي يتفق مع يسر الإسلام؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يتقيد بمثل هذه الأمور لربما طلق السنة بالثلاث، فتعود الرخصة إلى عزيمة فيستغني الناس عنها بسبب القيود والشروط التي أضيفت إلى هذه الرخصة، ولا شك أن الرخصة تستلزم بطبيعة كونها رخصة أن تكون مجردًة عن كل قيد أو شرط أو وصف إلا ما جاء في الشرع، فنحن كما قال تعالى:{وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥].
وأبعد شيء عن رأي الجمهور هو المسح على النعلين؛ لأنه غير ساتر لمكان فرض غسل القدمين، ولكن ما دام أن ذلك ثبت أولًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ثبت عن بعض الخلفاء الراشدين ثانيًا وأعني به إذاك عليًا رضي الله عنه، فقد ثبت عنه مسحه على النعلين، ولما أتى المسجد خلعهما وصلى بالناس إمامًا، ففهمنا من هنا أيضًا حكمًا آخر ميسر، وهو أنه خلع الممسوح لا ينقض الطهارة، بل ولا يعلقها بإعادة غسل ما كان مسح عليه أي: غسل الرجلين.
فهكذا يجب أن نقف مع النصوص سواء كانت لنا أو كانت علينا .. كان فيها يسر أو كان فيها تشديد، فالله عز وجل يتعبدنا بما يشاء ولا نستعمل عقولنا أبدًا تجاه هذه النصوص سواء كانت مطلقة أو كانت مقيدة.
(فتاوى جدة (٥) /٠٠: ٢٠: ٢٩)
[حكم المسح على الجزمة]
مداخلة: حكم المسح على الجزمة، وهل الإنسان يصلي بها ثم إذا مسحها هل لا بد أن يمسح على الجورب أم يكتفي بالمسح الذي على الجزمة؟
الشيخ: أولًا يجب أن يكون قائمًا في البال أن المسح على كل ملبوس على القدمين يجوز بشرطه، وهو أن يكون ملبوسًا على طهارة، سواء أكان هذا الملبوس جزمة أو خفًا أو جوربًا أو نعلًا، أي شيء ملبوس على الرجل يجوز المسح عليه بالشرط المذكور آنفًا.