أول ما يبدو لي، أن أُهَنئ جوار هذا المسجد المبارك -إن شاء الله- والذي نرجو أن يكون قد أُسِّس على تقوى من الله، ولا يكون المسجد قد أُسِّس على تقوى من الله -تبارك وتعالى- إلا إذا كان على سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ذلك أن من سُنَّة النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أول ما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، كان أول ما بدأ به هو أن بَنى مسجدَه عليه الصلاة والسلام؛ ذلك لأن المساجد هي مأوى ومُجْتَمع المسلمين، بل هي مدرستُهم التي يتلقون فيها الدروس التي تعلمهم شريعة الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك كثرت الأحاديث التي تَحضُّ المسلمين على بناء المساجد، وبخاصة في الأرض أو في المحلة التي لا مسجد فيها؛ لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما من ثلاثة في بدو، لا يُؤَذَّن فيهم، ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان -أي: أحاط بهم- فعليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية».
ولذلك كان من الواجب على كل مسلم مكلف أن يحافظ على أداء الصلوات الخمس في المسجد، وليس أن يصلي في داره أو في دكانه أو في معمله، بل عليه أن يَدَع كل شيءٍ يُشْغله عن الاستجابة لداعي الله -ألا وهو المؤذن حينما يقول-: حَيّ على الصلاة، حي على الفلاح، فحينما يسمع المسلم هذا الأمر المُنظّم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل يوم خمس مرات، ذلك لكي لا يكون لأيّ مسلم عذر في التخلف عن صلاة الجماعة، فقد قال عليه الصلاة والسلام:«من سمع النداء ولم يجب، ولا عذر له، فلا صلاة له»، هذا حديث يحض المسلم على أن يجيب منادي الله حينما يقول: حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح.
فإذا لم يفعل، ولم يكن له عذر شرعي، فصلاته تدور بين ألَّا تُرفع مطلقاً، أي: ألا تكون مقبولة، وبين أن تكون مقبولة في أدنى درجات الثواب والأجر.
ولذلك أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - المعنى المُتَضَمِّن في هذا الحديث، -الآمر كل من يسمع