[حكم إلتزام نفس المواد التي بنى النبي - صلى الله عليه وسلم - بها مسجده في بناء مسجد في هذا العصر؟]
السائل: يا شيخ، فيه مسألة بخصوص بناء المسجد، يوجد جماعة أرادوا بناء مسجد في القرية، فقالوا يبنوا المسجد بطين وجذوع النخل، وجريد يسقفوه بجريد، وقالوا لا نحيد عن هذا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنى مسجده بهذه الطريقة، وجاء من بعده أبو بكر رضي الله عنه، وعمر وزادوا في المسجد، ولم يَحِيدوا عن طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا، وعندما جاء عثمان من بعدهم بَدَّل في البناء، وأضاف الحجارة، وأضاف أشياء أخرى، فيقولوا: إن هذا هو السنة في بناء المسجد، ولا يزيدوا عن هذه الطريقة في البناء، فما أدري جوابك عليهم.
ويستدلوا كذلك من الآثار الصحيحة: ذكرت أن الصحابة عرضوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُعْطوه أموالاً، ويُحَسِّن المسجد، فقال:«لا، إنما هو عريش كعريش موسى» وأبى إلا أن يجعله بهذه الصورة، وكانت عنده إمكانية أن يجعله بأفضل مما كان، ولم يجعله إلا بهذه الصورة؟
الشيخ: هذا الكلام فيه حق وفيه خطأ، لا شك أن المساجد في الإسلام لا يجوز المباهاة في بنيانها، ولا يجوز كذلك تشييدها ورفع بنائها، لكن هذا لا يعني أن الأمر يقف عند الشكلية التي حكيتها عن أولئك الناس الذين تمسكوا بطريقة بناء الرسول عليه الصلاة والسلام لمسجده، أي على جذوع النخيل مثلاً، والسقف من أغصان النخيل ونحو ذلك؛ لأن هذا الأمر الواقع الذي وقع من الرسول عليه السلام هو أمر عادي، وليس هناك ما يدل من قوله عليه الصلاة والسلام أن هذا الفعل الذي وقع هو الذي ويجب التزامه ولا يجوز الحَيْدة عنه.