فما الذي استثنى هذه من تلك، فلا يوجد إذاً في الحديث أولاً: التصريح على الاستمرارية، ولا على الشمولية.
وبهذا ينتهي الجواب.
«الهدى والنور /٤٣٩/ ٣٢: ٠٤: ٠٠»
[هل يشرع الجهر بأذكار الصلاة]
مداخلة: يسأل سائل فيقول: حديث في البخاري: «كنا نعرف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير» ما معناه؟ وهل هذا يبيح الجهر بالأذكار والدعاء عقب الصلوات الخمس، وجزاكم الله خيرًا.
الشيخ: الذي نراه في هذا الحديث الصحيح هو ما ذكره الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم أن هذا الجهر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب الصلوات من باب تعليمه لأصحابه الأذكار المشروعة عقب الصلاة، ويذكر الإمام أو العلامة العيني في كتابه: عمدة القاري شرح صحيح البخاري أن في الحديث نفسه إشارة واضحة إلى أن الجهر بالتكبير دبر الصلاة لم يستمر أمره؛ لأنه قال: كنا نعرف في عهد الرسول عليه السلام ذلك، ففيه إشارة إلى أن ما عرفه لم يستمر العمل عليه، وهذا هو الذي يتناسب مع المبادئ العامة الواردة في الكتاب والسنة والتي تحض على خفض الصوت وعدم رفعه في الأذكار كلها، ومن أوضحها مناسبة بالنسبة لهذا الحديث هو حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه الإمام مالك في الموطأ وأبو داود في السنن وغيرهما بالسند الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع أصواتًا في المسجد فكشف الستار وقال:«يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة» هذا ما يترتب من رفع الصوت من التشويش على كثير من الحاضرين في المسجد، لا سيما وذلك مما يتنافى مع الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي موس الأشعري رضي الله عنه قال: كنا قافلين في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكنا إذا علونا شرفًا رفعنا أصواتنا بالتكبير وإذا هبطنا واديًا رفعنا أصواتنا بالتسبيح فقال عليه