وهذا قول ابن المبارك، وداود، وأتباعه، وهو المنصوص عن أحمد بن حنبل، وبه قال جماعة من الحنفية، وذكر أبو بكر الرازي أنه مقتضى مذهب أبي حنيفة.
وهذا قول المحققين من أهل العلم؛ فإن في هذا القول الجمعَ بين الأدلة، وكتابتها سطراً مفصولاً عن السورة يؤيد ذلك، وعن ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وفي رواية: لا يعرف انقضاء السورة.
رواه أبو داود والحاكم، وقال:«صحيح على شرط الشيخين» اهـ. مختصراً.
وحديث ابن عباس هذا في «السنن»«١/ ١٢٦»، و «المستدرك»«١/ ٢٣١» من طريق سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير عنه باللفظ الأول؛ إلا أن الحاكم قال: ختم .. بدل: فصل.
وهذا سند صحيح على شرطه؛ كما قال الحاكم. وأقره الذهبي.
ثم أخرجه الحاكم، ومن طريقه البيهقي «٢/ ٤٣» عن الوليد بن مسلم: ثنا ابن جريج: ثنا عمرو به بلفظ: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
فإذا نزلت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؛ علموا أن السورة انقضت.
ولم يذكر في روايته سعيد بن جبير في الإسناد، ثم قال:«صحيح على شرطهما». وهو كما قال.
ثم رواه بلفظ ثالث؛ لكن فيه ضعف.
وهذا القول - وهو كونها من القرآن آية مستقلة، وليست من «الفَاتِحَة «(١) - هو الذي ينبغي أن يأخذ به المسلم؛ لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على إثباتها في
(١) ثم صرح الشيخ رحمه الله بكونها من «الفَاتِحَة» لكن لا يجهر بها في الصلاة، في «تلخيص صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -» «ص ١٥/ ط ١ - المعارف». وانظر «الصحيحة» «١١٨٣». [منه]. قال جامعه: وقد تقدم النقل المشار إليه.