أما إن كان الحادث حدث، والمقتضي لم يكن قائماً في عهده عليه السلام، ولم يكن تقصير المسلمين هو السبب في إحداث هذه الحادثة؛ لتحقيق مصلحة مرسلة، فهي التي يجوز الأخذ بها؛ لأنها تحقق مصلحةً شرعية، دون مخالفةٍ ما، لما سبق من النوعين:
النوع الأول: المقتضي كان قائماً في عهد الرسول، والرسول ما سنّ ذلك، فهذا خلاف، أو المقتضي وجد بعد الرسول عليه السلام، لكن السبب هو تقصير المسلمين.
أما النوع الثالث إذا لم يكن هذا ولا ذاك، وهو يُحَقِّق مصلحة مرسلة، فيجوز تبنِّي ذلك لتحقيق مصالح للمسلمين.
فإذا عرفنا هذا التفصيل، استطعنا أن نأخذ الجواب في حكم الضرائب في الإسلام.
لا شك أن هذه الضرائب التي تُفرض يقصد بها تحقيق مصالح للأمة، مع شيء من التسامح في التعبير؛ لأن كثيراً من هذه الضرائب تُصْرف فيما يضر الأمة، تصرف على الأقل فيما فيه إسراف وإضاعة المال ونحو ذلك.
فنقول: هذه الضرائب ما سنَّها أو قَنَّنها من فرضها على الشعوب المسلمة، إلا حينما أعرضوا عن التشريعات التي سنها الشارع الحكيم في الإسلام، والتي هي سبب لتكديس الأموال في خزينة الدولة المسلمة.
فلما أعرض الحكام عن هذه الوسائل المشروعة، خلت بيوت المال من المال، فماذا يفعلون؟
سنُّوا من عندهم تلك الضرائب، فهي مُكُوس وهي لا تجوز؛ ولذلك يُفَصَّل في خصوص الضرائب، يُفَصِّل «الإمام الشاطبي رحمه الله» في كتابه العظيم: «الاعتصام» يفصِّل الكلام تفصيلاً حسناً حول هذه الضرائب، فيقول: يجوز للوالي والحاكم المسلم أن يفرض ضرائب على الشعب المسلم، لحل مشلكةٍ طارئةٍ لا يفي