للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر».

والحديث الأول يفيد تحريم الصلاة في المقبرة على التفصيل المذكور لعموم الحديث ولأن النهي أصله التحريم. وذهب بعضهم إلى بطلان الصلاة فيها وهو محتمل والله أعلم وقد ذهب إلى هذا ابن حزم في «الملحى» ورواه عن أحمد أنه قال: «من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبدا». ثم قال: «وكره الصلاة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر: أبو حنيفة والأوزاعي وسفيان ولم ير مالك بذلك بأسا واحتج له بعض مقلديه بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر المسكينة السوداء» قال ابن حزم: «وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه فلا يجيزون أن تصلى صلاة الجنازة على من قد دفن ثم يستبيحون - بما ليس فيه منه أثر ولا إشارة - مخالفة السنن الثابتة». قال: «وكل هذه الآثار حق فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. نحرم ما نهى عنه ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل فأمره ونهيه حق وفعله حق وما عدا ذلك فباطل والحمد لله رب العالمين».

وقال الشوكاني بعد أن حكى مذاهب العلماء في المسألة:

«وأحاديث النهي المتواترة كما قال ذلك الإمام «ابن حزم» لا تقصر عن الدلالة على التحريم الذي هو المعنى الحقيقي له وقد تقرر في الأصول أن النهي يدل على فساد المنهي عنه فيكون الحق التحريم والبطلان لأن الفساد الذي يقتضيه النهي هو المرادف للبطلان من غير فرق بين الصلاة على القبر وبين المقابر وكل ما صدق عليه لفظ المقبرة».

وقال شيخ الإسلام في «الاختيارات»:

«ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها والنهي عن ذلك هو سد لذريعة الشرك وذكر طائفة من أصحابنا أن المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور وهو الصواب والمقبرة كل ما قبر فيه لا أنه جمع قبر وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>