جاء فيها قول ربنا تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: ٣] ولذلك لقد أجاد إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله حينما قال كلمته الذهبية المشهورة قال: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة وحاشاه، اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: ٣] قال مالك: فما لم يكن يومئذ دينًا، أي: يتقرب به إلى الله فلا يكون اليوم دينًا، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، إذا كان هذا هو شأن البدعة التي يسمونها بالبدعة الحسنة، وهو شأنها أنهم يريدون التقرب إلى الله تبارك وتعالى بها زيادة على ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئًا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه، إذًا: لا مجال لاتخاذ محدثة سبيلًا للتقرب إلى الله تبارك وتعالى ما دام الله قد أتم النعمة عليها بإكماله لدينه، أما المصلحة المرسلة فشأنها يختلف كل الاختلاف عن البدعة الحسنة المزعومة، المصلحة المرسلة يراد بها تخفيف مصلحة يقتضيها المكان أو الزمان يقرها الإسلام.
في هذا المجال يؤكد الشاطبي شرعية وضع ضرائب تختلف عن الضرائب التي اتخذت اليوم قوانين مطردة في كثير إن لم نقل في كل البلاد الإسلامية تقليدًا للكفار الذين حرموا من منهج الله من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فكان من الضرورة بالنسبة لهؤلاء المحرومين من هدي الكتاب والسنة أن يضعوا لهم مناهج خاصة وقوانين يعالجون فيها مشاكلهم، أما المسلمون فقد أغناهم الله تبارك وتعالى بما أنزل عليهم من الكتاب، وبما بين لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لذلك فلا يجوز للمسلمين أن يستبدلوا القوانين بالشريعة فيحق فيهم قول الله تبارك وتعالى:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}[البقرة: ٦١] لا يجوز أبدًا أن تتخذ الضرائب قوانين ثابتة كأنها شريعة منزلة من السماء أبد الدهر.
وإنما الضريبة التي يجوز أن تفرضها الدولة المسلمة هي في حدود ظروف معينة تحيط بتلك الدولة مثلًا، وأظن أن هذا المثال هو الذي جاء به الإمام الشاطبي: إذا