للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يصلي ثمان ركعات، وهذا دليل على أن ذلك كان منهم من باب التطوع المطلق ولذلك اختلف العدد المروي عنهم في ذلك وقال الترمذي في الجامع: «وروي عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا وإليه ذهب ابن المبارك والثوري».

وقال أبو شامة «ص ٧٠» بعد أن نقل المذكور: «ولذلك اختلف العدد المروي عنهم وباب التطوع مفتوح ولعل ذلك كان يقع منهم أو معظمه قبل الأذان ودخول وقت الجمعة لأنهم كانوا يبكرون ويصلون حتى يخرج الإمام، وقد فعلوا مثل ذلك في صلاة العيد وقد علم قطعا أن صلاة العيد لا سنة، لها وكانوا يصلون بعد ارتفاع الشمس في المصلى وفي البيوت ثم يصلون العيد، روى ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين وبوب له الحافظ البيهقي بابا في سننه، ثم الدليل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من بيته يوم الجمعة فيصعد منبره ثم يؤذن المؤذن فإذا فرغ أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته ولو كان للجمعة سنة قبلها لأمرهم بعد الأذان بصلاة السنة وفعلها هو - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الأذان وعلى ذلك مذهب المالكية إلى الآن». وقد يشير إلى أنه لا سنة للجمعة قبلها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا» (١).

فإنه لو كان قبلها سنة لذكرها في هذا الحديث مع السنة


(١) رواه مسلم ٣/ ١٦ - ١٧ والنسائي ٢١٠ والترمذي ٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠ والدارمي ١/ ٣٧ وابن ماجه ١١٣٢ والبيهقي ٢/ ٢٤٠ وأحمد ٢/ ٢٤٩ و ٤٤٢ و ٤٩٩ وكذا الطيالسي ٢٤٠٦ والدولابي في الكنى والأسماء ١/ ١٠٩ وأبو نعيم في حلية الأولياء ٧/ ٣٣٤ والخطيب في تاريخ بغداد ٢/ ١٣٨ و ٨/ ٨٥ و ١٤/ ٢٨ من طريق كثيرة منها سفيان كلهم عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال الترمذي:
حديث حسن صحيح ولفظه: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا.
وهو رواية لمسلم.
ورواه عبيد بن سعيد عن أبيض بن أبان عن سهل بن أبي صالح به بلفظ:
فليصل قبلها أربعا وبعدها أربعا". فزاد الأربع قبلها.
أخرجه ابن السماك في الأول من الرابع من حديث ق ١٠٧/ ٢ وأبو جعفر الرزاز في ستة مجالس من الأمالي ق ٢٣٢/ ١ عن عبيد به وزاد:

قال عبيد قلت لأبيض إن سفيان الثوري حدثني عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا: "من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا" قال أبيض: ذاك كما سمع سفيان وهذا كما سمعت أنا! .
قلت ولا يشك حديثي في بطلان هذه الزيادة لتفرد ابن أبان بها وهو ليس بالقوي كما قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١/ ١/٣١٢ عن أبيه ولأنه خالف سفيان ومن معه من الثقات الذين أشرنا إليهم فلا جرم أعرض عنها أصحاب السنن وغيرهم فضلا عن مسلم في صحيحه.
ولقد وهم الباجوري على ابن القاسم في هذا الحديث وهما فاحشا حيث أورده ١/ ١٣٤ بهذه الزيادة الباطلة معزوا لمسلم واستدل به على أن الجمعة كالظهر قال: فيسن قبلها أربع وبعدها أربع.

<<  <  ج: ص:  >  >>