بالنسبة لمثل هذا الإمام أن يعمل بحديث غير ثابت لديه، فإذا نظرنا إلى هذه المجموعة، وخلاصتها حديث صلاة التسبيح جاء من طرق يقوي بعضها بعضًا، زائد أن عبد الله بن المبارك كان يصليها تطمئن النفس حينذاك لصحة الحديث، وبالتالي يثبت شرعية صلاتها.
وحينذاك يندفع الشبهة التي ذكرتها آنفًا حكاية عن القائلين بعدم صحتها أن المشابهة في بعض الصلوات لا يشترط أن تكون؛ لأننا نعلم أن هناك صلاة صحيحة باتفاق العلماء، ومع ذلك فهي تختلف عن كل الصلوات في الوقت أن صلاة التسبيح تتلقي من هذه الجهة مع كل الصلوات، أعني بالصلاة التي تخالف كل الصلوات هي صلاة الكسوف، فنحن نعلم جميعًا أن صلاة الكسوف يشرع فيها ركوعان في كل ركعة، فلا يشرع سجودان، فمن حيث أنه يشرع ركوعان في الركعة الواحدة في صلاة الكسوف فقد خالفت كل الصلوات المعروفات من هذه الحيثية؛ لأنه لا صلاة أخرى يشرع فيها ركوعان في الركعة الواحدة، فهل كان هذا .. هل كان وجود مثل هذه المخالفة للصلوات الخمس وغيرها سببًا للطعن في صحة الحديث؟ الجواب: لا؛ لأن الله تبارك وتعالى له أن يشرع لعباده ما يشاء من الصلوات والكيفيات، فالعبرة إذًا ليس هو أن تكون العبادة لها مثيلات وإنما أن تكون ثابتة بالطرق التي تثبت كل العبادات.
فإذا تركنا هذا الجانب من النقد الذي هو نقد المتن لصلاة التسابيح ورجعنا إلى الأسانيد، وعرفنا أن بعضها يقوي بعضًا، وأن بعض السلف عملوا بها فحينذاك لا يبقى لنقد كيفية هذه الصلاة وجه يعتد به فينهض حينذاك قول من قال بثبوت صلاة التسابيح، وبالتالي ثبوت التعبد بها على الأقل في العمر مرة كما جاء في نفس الحديث وعلى الأكثر في كل يوم مرة.