لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل، وكان الإطعام هو البدل؛ لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرف بها حسب حاجته، إن كان بحاجة إلى طعام اشترى طعامًا، إن كان بحاجة إلى شراب اشترى الشراب، إن كان بحاجة إلى ثياب اشترى ثيابًا، فلماذا عدل الشارع عن فرض القيمة، أو فرض دراهم أو دنانير إلى فرض ما هو طعام.
إذاً: له غاية، ولذلك حدَّد المفروض، ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وفي غيره.
فانحراف بعض الناس عن تطبيق النص إلى البديل الذي هو النقد، هذا اتهام للشارع؛ لأنه لم يُحْسِن التشريع، لأن تشريعهم هم أفضل وأنفع للفقير، هذا لو قصده كفر به، لكنهم لا يقصدون هذا الشيء، ولكنهم يغفلون، فيتكلمون بكلام هو عين الخطأ.
إذاً: لا يجوز إلا إخراج ما نص عليه الشارع الحكيم، وهو الطعام على كل حال.
وهنا ملاحظة لا بد من ذكرها: لقد فرض الشارع أنواعاً من هذه الأطعمة؛ لأنها كانت هي المعروفة في عهد النبوة والرسالة، لكن اليوم وُجدت أطعمة نابت مناب تلك كالأطعمة، فاليوم لا يوجد من يأكل الشعير، بل ولا يوجد من يأكل القمح والحب؛ لأنه الحب يتطلب شيئاً آخر وهو أن يوجد هناك الطاحونة .. الجاروشة، ويتطلب إن وجد مع الجاروشة تنور صغير أو كبير كما هو لا يزال موجوداً في بعض القرى، فلما هذه الأطعمة أصبحت في حكم المتروك المهجور، فيجب حينئذ أن نخرج البديل من الطعام وليس النقود؛ لأننا حينما نخرج البديل من الطعام صرنا مع الشرع فيما شرع من أنواع الطعام المعروف في ذلك الزمان، أما حينما نقول نخرج البديل وهو النقود ورد علينا أن الشارع الحكيم ما أحسن التشريع؛ لأننا نقطع جميعاً على أن النقود هي أوسع استعمالاً من نوعين من الطعام، لكن لما رأينا الشارع الحكيم فرض طعاماً ووجدنا هذا الطعام غير ماشي اليوم، حينئذ لازم نحط طعام بديله، -مثلاً- الرز أي بيت يستغني عن أكل الرز، لا فقير