للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«حمل الفقهاء هذا الأمر على الوجوب وقالوا بحرمة حلق اللحية ... » فإنه ليس صريحا في التعبير عن رأيه الشخصي وبخاصة أنه يعلم أن مخالفة الإعفاء أكثر وأظهر من مخالفة الختان فإن كثيرا من خاصة العلماء والشيوخ قد ابتلوا بالوقوع فيها بل وبالتزين والتجمل بها بل إن بعضهم قد يتجرأ على الإفتاء بجواز حلقها ولاسيما في مصر التي يعيش فيها السيد سابق والأستاذ السمان فهذا وحده كان كافيا في أن يحمله على بيان حكم هذه المخالفة ولذلك فإني أهتبل هذه الفرصة لأبين حكم الشرع فيها وأستحسن أن يكون ذلك بالرد على تلك الفقرة التي نقلتها عن كتاب «الإسلام المصفى» لشديد صلتها بالموضوع فأقول:

أولا: ذكر أن الأمر بإعفاء اللحية للندب وقد سمعنا هذا كثيرا من غيره وإبطالا لهذه الدعوى أقول:

هذا خلاف ما تقرر في «علم الأصول»: أن الأصل في أوامره - صلى الله عليه وسلم - الوجوب لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وغيره من الأدلة التي لا مجال لذكرها الآن والخروج عن هذا الأصل لا يجوز إلا بدليل صحيح تقوم به الحجة وحضرة الكاتب لم يأت بأي دليل يسوغ له خروجه عن هذا الأصل في هذه المسألة اللهم إلا ادعاؤه أن الإسلام لا يهتم بكل المظاهر الشكلية ... ومع أنها دعوى عارية عن الدليل فإنها منقوضة أيضا بأحاديث كثيرة وهو في قولنا:

ثانيا: زعم أن كل المظاهر الشكلية لا يهتم بها الإسلام وأن اللحية منها. أقول: هذا الزعم باطل قطعا لا يشك فيه ذلك أي منصف متجرد عن اتباع الهوى بعد أن يقف على الأحاديث الآتية وكلها صحيحة:

١ - عن ابن عباس قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.

٢ - عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرادوا أن يصلوها فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».

٣ - عن ابن مسعود مرفوعا: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات

<<  <  ج: ص:  >  >>