الأخرى، هو لا يكون على سفر، وبالتالي: لا يكون مسافراً من باب أولى، وليس كذلك من خرج مثلاً مجاهداً أو خرج متاجراً؛ يجاهد الكفار لا يدري متى تكون العودة إلى بلده، فهو في ذاك البلد لا يزال مقيماً، إلا هنا يخرج حكم المرابط مثلاً الذي يوضع كحارس على الحدود فهو مقيم هناك ناو الإقامة، فقوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ}[البقرة: ١٨٤] كلمة «على سفر» هي التي يجب أن يراقبها من نزل في بلد، فهل هو على سفر أم هو على إقامة.
فإن كان على سفر، مهما طالت المدة فهو في حكم المسافر، وإذا لم يكن على سفر ونوى الإقامة، ولا حَدَّ لهذه الأيام مادام أنه نوى الإقامة.
وكمثال للأمر الأول: ما صَحَّ عن بعض السلف، ومنهم عبد الله بن عمر أنه كان في نحو هذه البلاد في أذربيجان وأمثالها كانوا مجاهدين غُزَاةً في سبيل الله، فغلبتهم الثلوج، فبقوا ستة أشهر وهم يقصرون؛ لأنهم كانوا بانتظار زوال الثلوج وانفتاح الطرق؛ حتى يعودوا إلى بلدهم.
لكن هل هذا يصح أن يُقَاس عليه ما نسمعه من بعض أهل العلم اليوم، أنهم يقولون: بالنسبة لبعض الطلاب الذين يسافرون من بلد إلى آخر، سواء كان هذا البلد إسلامياً أو شركياً في سبيل طلب العلم، يخرج الرجل مثلاً من بعض البلاد العربية إلى أوروبا أو أمريكا، يقيم فيها السنين الطوال أربع سنوات أو أكثر، يقول هذا البعض بأن هذا مسافر! كيف هذا مسافر؟
هنا نقول: هل يَصْدُق عليه قوله تعالى: {عَلَى سَفَرٍ}[البقرة: ١٨٤]؟ البتة لا، هذا مقيم، هذا كله إذا غضضنا الطرف أنه لما نزل في ذلك البلد ما نوى الإقامة، بينما حقيقةً هو نوى الإقامة على الأقل السنة الدراسية كلها، ثم أُتيح له زيارة بلده في العطلة زار وإلا فلا.
إذاً: المسألة فيها دِقَّة، لكن فيها أيضاً معنى إذا ما تأمله طالب العلم وجده إن شاء الله بَيّناً واضحاً.
وأحفظ من كلام شيخ الإسلام، لبيان أن السفر له علاقة بالنية، فهو ضرب