وأما حديث سَمُرة: فأخرجه الحاكم «١/ ٢٧٢»، والبيهقي من طريق سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة عن الحسن عنه.
وقال الحاكم:«صحيح على شرط البخاري». ووافقه الذهبي. كذا قالا! والحسن: هو البصري، وكان يدلس كثيراً - كما في «التقريب» -. وإنما روى له البخاري عن سمرة حديث العقيقة «٩/ ٤٨٧»، وفيه التصريح بسماعه من سمرة. فما لم يصرح بالسماع؛ فليس بحجة كهذا الحديث.
ولذلك ضعفه النووي - كما سبق -. والله أعلم.
تنبيه: عزا النووي حديث سَمُرة هذا لـ «مسند أحمد»، ولم أجده فيه، وانقلب اسم صحابيه على الشوكاني «٢/ ٢٣٢»، وتحرف عليه؛ فقال: جابر بن سمرة. فليعلم.
ثم إن هذه الأحاديث لو صحت؛ لا تعارض حديث ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما؛ لأنها تنهى عن إقعاء خاص، وهو إقعاء الكلب، وصورته: أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض.
كذلك فسره علماء اللغة؛ ومنهم أبو عبيد فيما رواه البيهقي عنه. فهذا إقعاء غير الإقعاء الثابت في السنة، وبذلك يُجمع بين الأخبار - كما بينه البيهقي، وتبعه ابن الصلاح، والنووي، وغيرهم من المحققين -، وحينئذٍ فلا مبرر للقول بالنسخ - كما فعل الخطابي وغيره -.
قال النووي في «المجموع»«٣/ ٤٣٩»: «والنسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث، وعلمنا التاريخ. ولم يتعذر هنا الجمع، بل أمكن - كما ذكره البيهقي -، ولم يعلم أيضاً التاريخ».
قال: «فالصواب الذي لا يجوز غيره: أن الإقعاء نوعان: أحدهما: مكروه، والثاني: سنة.
وأما الجمع بين حديثي ابن عباس وابن عمر، وأحاديث أبي حميد ووائل