والنسيان، وما استُكرهوا عليه» نفي مؤاخذة أخروية، الشوافعة وغيرهم بيقولوا: لا. النص مطلق.
ما هو ثمرة الخلاف بين الطائفتين؟ الأحناف بيقولوا القاعدة إنه يؤاخذ في الدنيا ليس في الآخرة، هذا أمر متفق عليه، الأصل أنه يؤاخذ في الدنيا إلا لنص، الشوافع بالعكس يقولوا: الأصل أن لا يُؤَاخذ في الدنيا إلا بنص، ولا شك أن أسعد الناس بالحق هم الشوافعة ومن عليه؛ لأن الأحناف ما فيه عندهم دليل يؤيدوا هذا الأصل، وهو أنه الأصل أن يُؤَاخذ في الدنيا، إلا إذا جاء نص خلاف هذا الأصل، فلا يؤاخذ.
وهم بيلتقوا مع الشافعية في موضوع الصائم الذي أفطر ناسياً يقولوا: نحن هنا ما بنتكلم، فيه نص خاص، بنقول: إنه صيامه صحيح، لكن فيما ليس فيه نص، الأصل عندهم المؤاخذة.
الشوافع على العكس بيقولوا: الأصل أن لا يُؤاخذ إلا لنص.
إذا عرفنا هذا التفصيل، نرجع بنقول: رجل صلى، ثم وجد أثر الجنابة جاهلاً ناسياً ماذا يفعل، يعيد الصلاة أم لا؟ إذا طبقنا قاعدة الشوافعة، ما بنعيد الصلاة إلا لنص، فهل وُجِد النص، نقول نحن: نعم وُجد النص؛ لأنه عمر بن الخطاب في خلافته صلى بالناس صلاة الفجر، ثم وجد في ثوبه أثر الاحتلام فقال كلمة معناها: انه ابتلينا بأكل الشحم، والظاهر الشحم يعمل شهوة أو بيكثر الماء أو ما شابه ذلك، فهو اغتسل وأعاد الصلاة، ولم يأمر الناس أن يُعيدوا الصلاة.
إذاً: هذه مستثناه من القاعدة حسب المذهب الشافعي، ماشي مع القاعدة حسب المذهب الحنفي، نرجع لهذا الناسي، تكلم في الصلاة ناسياً.
فهنا حسب القاعدة اللِّي بيتبناها الفقيه إن كان يتبنى القاعدة الشافعية بيقول: صلاته صحيحة. إن كان بيتبنى قاعدة الأحناف بيقول: صلاته باطلة؛ لأنه ما فيه نص خاص يُصَحِّح، أو نص خاص يُبْطل، إنما المسألة رجوع للقواعد.