الشيخ: .. ليس هناك نسخ، النسخ كما لا يخفى على طلاب العلم من أمثالنا، يكون عند وجود التعارض، أما حينما لا يكون هناك تعارض، وإنما هو كما يقول ابن تيمية رحمه الله: هذا من اختلاف التنوع، وليس من اختلاف التضاد.
بل أنا أقول: إن هذا التَّنْوِيع الذي شرعه الرسول عليه السلام في رد السلام في الصلاة فيه حِكْمَة بالغة؛ لأن الإشارة بالرأس ألطف وأليق بالمصلي الذي قد أُمر بقوله عليه السلام كما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال:«كنا إذا صلينا وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وسَلَّمنا أشرنا بأيدينا، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس»، كأنها أذناب خيل شمس، وفي رواية، وهذا الذي يهمنا الآن:«اسكنوا في الصلاة» تمام الرواية: «إنما يكفي أحدكم إذا سلم على أخيه أن يلتفت يميناً ويقول: السلام عليكم ورحمة الله، ويساراً السلام عليكم ورحمة الله».
لكن الرواية الأخرى هي الشاهد:«اسكنوا في الصلاة» أي: لا تتعاطوا في الصلاة حركات لا تليق ولا تتناسب مع الخشوع والسكون في الصلاة، «اسكنوا في الصلاة».
وحينئذٍ فمن القواعد الشرعية: أن المسلم إذا اضطر، أو كان بحاجة ما أن يأتي بحركة ما، وهو قائم بين يدي الله تبارك وتعالى، فينبغي أن يأتي بأقل من الحركة مما يُحَقِّق له قصده ورغبته.
وأنا أتصور الآن أن رجلاً يُصَلِّي أقبل الرجل إليه من القبلة وقال: السلام عليكم، ما في داعي أن يعمل له هكذا بالمروحة يرفع يده، وإنما إشارة بالرأس وانتهى الأمر.
كما أن العكس تماماً، إذا دخل رجل من وراء الصفوف وقال: السلام عليكم، ما يكفي أن يرفع يده ويعمل هكذا، يرفع عن العَلَم حتى يفهم أن السلام وقع في محله مشروعاً، ونحن قد أجبناك عنه برفع الإشارة المُعَبِّرة والمُفْصِحَة.